للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتحقق التنكير كذلك بالجمع أو التثنية، فكلمة محمد علم معرفة؛ فإذا ثني أو جمع شاع وتنكر وجاز دخول أل عليه؛ فيقال: المحمدان والمحمدون») (١).

ونضيف هنا موضعا آخر من المواضع التي يُجْلَبُ فيها التنكير إلى المعرفة وذلك بأن تأتي المعرفة) العلم (في سياق نفي لـ «لا» النافية للجنس اعتمادا على «علم المخاطب».

يقول سيبويه: «واعلم أَنَّ المعارف لا تجرى مجرى النكرة في هذا الباب؛ لأَنَّ ((لا)) لا تعمل في معرفة أبدا. فأما قول الشاعر:

* لا هيثَمَ الليلةَ للمَطيّ *

فإِنَّهُ جعله نكرة كَأَنَّه قال: لا هيثمَ من الهيثمَين. ومثل ذلك: لا بصرةَ لكم ... وتقول: قضية ولا أبا حسن، تجعله نكرة. قلت: فكيف يكون هذا وإِنَّمَا أراد عليا رضى الله عنه فقال) (٢): لأنَّهُ لا يجوز لك أَنْ تُعمِل لا في معرفة، وإِنَّمَا تعملها في النكرة فإذا جعلت أبا حسنٍ نكرة حسن لك أَنْ تعمِل لا، وعلم المخاطَب أَنَّهُ قد دخل في هؤلاء المنكورين عليٌّ، وأنه قد غُيِّب عنها») (٣).

من هذا النَّصّ نفهم:

- أنَّ من خصائص لا النافية للجنس أَنْ يكون اسمها نكرة.

- وأنَّه في بعض الأحيان قد يأتي المُتَكَلِّم باسمها معرفة علما، وأنَّ العلم في هذه الحالة يفيد التنكير؛ أي أَنَّ العلم في هذه الحالة «علم في اللفظ والشكل»، «نكرة في الدِّلَالَة».

وهنا نلاحظ أَنَّ الأعلام المستخدمة في هذه الحالة التي أتى بها المُتَكَلِّم التي تعبر عن نكرة هي أعلام لابدَّ أَنْ تكون لها خصائص سِيَاقِيَّة اجتماعِيَّة مُعَيَّنَة، فهي أعلام معروفة للناس ومشهورة بأمور مُعَيَّنَة تخصُّها:

» أبو الحسن على بن أبي طالب ... الفطنة والذكاء والعبقرية والفصل في القضايا.

» البصرة ... الناحية الثقافيَّة والعلميَّة والاقتصادية.

» هيثم ... حُدَاء المطي.

وعندما نستدعي هذه الأعلام مع «لا» النافية للجنس فإِنَّنَا نستدعي معها هذه الخلفيَّة الاجتِماعِيَّة؛ لأَنَّنا نقصد هذه الخلفيَّة الاجتِماعِيَّة، ونريد توظيفها سياقيًّا لأمر ما. ولكي يتفاعل المخاطب مع هذه الجمل ويتقبل معناها يجب أَنْ يعلم مسبقا هذه الخصوصية الاجتِماعِيَّة لهذه


(١) السابق: ٢٣١
(٢) قال المحقق الأستاذ هارون، ٢/ ٢٩٦ الحاشية ذات الرَّقْم ٣ ((الظاهر أن القائل الخليل)).
(٣) سيبويه: الكتاب، ٢/ ٢٩٦

<<  <   >  >>