للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أرأيت من قال: هذه قباءُ يا هذا، كيف ينبغي له أَنْ يقول إذا سمَّى به رجلاً؟ قال: يصرفه، وغير الصرف خطأٌ، لأنَّهُ ليس بمؤنَّث معروف في الكلام، ولَكِنَّه مشتق») (١).

إن كلمة «قباء» إذا سمي بها رجل نونت ــ كما قال الخليل ــ، وتعليله «لأنَّهُ ليس بمؤنث معروف في الكلام»؛ أي أَنَّ الاسم المؤنث الممنوع من الصرف إذا انتقل إلى أَنْ يكون علما لمذكر وليس هذا العلم المؤنث مشهورا في الكلام يجب صرفه. لكي يكون صرفه منبِّهًا للمخاطب على هذا التحول من علم المؤنث إلى علم المذكر. أَمَّا إذا كان العلم المؤنث مشهورا فقد يمنع من

الصرف.

ويفهم من كلام الخليل أَنَّهُ يعتمد على السِّياق في هذه المسألة، فشهرة الاسم العلم أو عدم شهرته مرتبط بالسِّياق.

وقد يكون التنوين أيضا منبِّهًا إلى حذف المضاف مع أسماء القبائل. فـ «أسماءُ القبائل مؤنثة ولك فيها وجهانِ منعُها من الصرف، باعتبار أنَّها أعلام لمؤنثات نحو: رأيتُ تميمَ، تعني القبيلةَ، ولك صرفها، باعتبار أَنَّ هناك مضافًا محذوفًا، نحو: رأيت تَميمًا، تعني بني تميم. فحذفتَ المضافَ وأقمتَ المضافَ إليه مُقامَهُ فإنْ قلتَ: جاءَ بنو تميمٍ؛ صرفتَ تميمًا قولًا واحدًا؛ لأَنَّكَ تعني بتميم أبا القبيلةِ لا القبيلةَ نفسها») (٢).

يقول سيبويه: « ... فلمَّا حذفت المضاف وقع على المضاف إليه ما يقع على المضاف؛ لأنَّهُ صار في مكانه فجرى مجراه. وصرفت تميمًا وأسدًا؛ لأَنَّكَ لم تجعل واحدًا منهما اسمًا للقبيلة؛ فصارا في الانصراف على حالهما قبل أَنْ تحذف المضاف») (٣).

أي أَنَّ التنوين له دلالة، فعدم وجوده يعني أَنَّ المُتَكَلِّم يريد اسم القبيلة العلم المؤنث، ووجوده يعني إرادة المُتَكَلِّم تتجه لأبناء القبيلة أو أبيها. ولا شك أَنَّ الذي يحدِّد المقصود من إرادة المُتَكَلِّم هو سياق الحال.

وإذا أتينا إلى التنكير قلنا إِنَّهُ «هو جعل المعرفة نكرة؛ أي جلب الشيوع للاسم بعد

تعيينه») (٤). ويذكر العلماء بعض حالات يتحقق فيها التنكير للاسم وذلك مثلا «بإبطال ندائه إذا كان منادى، نحو: يا رجل، أو بقطعه عن الإضافة كقطع كلمة كتاب عن قولنا: كتاب محمد.


(١) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٢٤٥
(٢) مصطفى محمد الغلاييني: جامع الدروس العَرَبِيَّة، المكتبة العصرية، بيروت، ط ٢٨، ) ١٩٩٣ م (، ص ٢١٣
(٣) سيبويه: الكتاب، ٣/ ٢٤٧
(٤) د. محمد سمير نجيب اللبدي: معجم المصطلحات النَّحْوِيَّة والصَّرْفِيَّة، ص ٢٣١

<<  <   >  >>