للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

o تَفَكُّك أوصال النَّصّ:

إن وجود السِّياق «يسهل عَمَلِيَّة ربط الكلام وبناء النَّصّ بناء محكما في بدئه وخاتمته والحبكة بينهما» (١). وبمفهوم المخالفة فَإِنَّ عدم وجود السِّياق يؤدي إلى عكس ما سبق.

ومن الأمور التي اهتَمَّ بها علماء «نحو النَّصّ» قضيَّة «الاتساق النصي ووسائله»، واهتموا بوجه خاص بما أسموه بـ «الإحالة Reference» كإحدى الوسائل المُهِمَّة لتحقيق هذا الاتساق أو السبك Cohesion . وأشاروا إلى عدة أنواع من الإحالة: «إحالة نصية) داخل النَّصّ (، إحالة مقامية) خارج النَّصّ (، إحالة بينية») (٢).

وقالوا عن «الإحالة خارج النَّصّ»: «إِنَّنَا في بعض الأحيان نجد أَنَّ الإحالة لا تصدق على شيء داخل النَّصّ، بل تمتد إلى شيء خارج النَّصّ؛ مِمَّا يدلُّ على وجود علاقات متشابكة ومتفاعلة بين اللُّغَة والمواقف الاجتِماعِيَّة والثقافيَّة العامَّة، بل بينها وبين الخطاب بشكل عام؛ لأَنَّ الإحالة تقوم على مبدأ التفاعل بين المتلقي والنَّصّ والمواقف العامة الخارجة عن النَّصّ، وبدون هذا التفاعل يصير الانتفاع بقراءة النَّصّ شيئا غير مؤكد، أو ربما غير موجود») (٣).

o الوقوع في مأزق عَقِيدِيّ خاصة عند التعامل مع الآيات القُرْآنِيَّة والأحاديث النبَوِيَّة الصحيحة:

سبق أَنْ أشرنا إلى ما قاله د. بدراوي زهران من أَنَّ عبد القاهر «انتهى إلى أَنَّ التأويلات النحوِيَّة المنبثقة عن التقديرات العقلِيَّة فقط تغفل طبيعة اللُّغَة وتسيء إلى فهمها إساءة شديدة، بل الأكثر من ذلك أَنَّها قد توقعهم في ضلالة كبيرة، وقد تقودهم إلى الكفر والعياذ بالله» (٤).

إِنَّ هذه النتيجة وحدها كفيلة بأن تلفت بشِدَّة الانتباه إلى سياق الحال ومدى ما يمكن أَنْ يُقَدِّمه للنص قيد التحليل.

****


(١) د. محمد التونجي: المعجم المُفَصّل في الأدب، ص ٥٣٥
(٢) د. أحمد عفيفي: الإحالة في نحو النص دراسة في الدِّلَالَة والوظيفة، بحث ضمن الكتاب التذكاري: العَرَبِيَّة بين نحو الجملة ونحو النص، القاهرة، ) ٢٠٠٥ م (، ٢/ ٥٤٩
(٣) السابق، ٢/ ٥٤٣
(٤) (من قضايا اللُّغَة وجوب تحليل البناء اللغويّ من خلال مسرح الحدث الذي دار عليه)): د. بدراوي زهران، مجلة مجمع اللُّغَة ع ٥٠، ص ١١٠ وينظر مناقشة عبد القاهر لقوله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} التوبة: ٣٠. الدلائل: ٣٧٥

<<  <   >  >>