وقِيلَ: يَجِبُ دَفْعُهَا قَبْلَ قَبْضِهِ. وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَهَا فِي أَظْهَرِ الأَقْوَالِ, ...
ــ
قال: (وقيل: يجب دفعها قبل قبضه) كالغائب الذي يسهل إحضاره.
ويقابل المذهب طريقة قاطعة بعدم وجوب الزكاة, وأخرى قاطعة بوجوبها.
ولو عبر بقوله: (قبل حلوله) كان أولى؛ فإن هذا الوجه محله: إذا كان الدين على ملئ ولا مانع سوى الأجل, وحينئذ متى حلّ .. وجب الإخراج قبض أم لا.
فائدة:
قال الشيخ: إذا أوجبنا الزكاة في الدين وجعلنا تعلقها بالمال تعلق شركة .. اقتضى أن يملك أرباب الأصناف ربع عشر الدين في ذمة المدين, وذلك يجر إلى أمور لا يتنبه لها كثير من الناس كالدعوى بالصداق والديون؛ لأن المدعى غير مالك للجميع فيكيف يدعى به؟ إلا إن له ولاية القبض لأجل أداء الزكاة, فيحتاج إلى الاحتراز عن ذلك في الدعوى, وإذا حلف على عدم المسقط .. ينبغي أن يحلف إن ذلك باق في ذمته إلى حين حلفه لم يسقط, وانه يستحق قبضه حين حلفه, ولا يقول: انه باق له.
قال: (ولا يمنع الدين وجوبها في أظهر الأقوال) وهو آخرها تاريخًا؛ لإطلاق النصوص الآمرة بأداء الزكاة سواء كان الدين حالًا أم مؤجلًا, من جنس المال أم غير جنسه, لآدمي أم لله تعالى كالزكاة والكفارة والنذر, ولأنها إن تعلقت بالذمة .. فهي متسعة, أو بالعين .. فالتعلق بالذمة لا يمنع مما تعلق بالعين؛ لأن عبد المديون إذا جني تعلق حق الجناية برقبته.
والثاني: يمنع, وفى علته وجهان:
أصحهما: ضعف ملك المديون؛ لإشرافه على التصرف في الدين.
أصحهما: إن مستحق الدين تلزمه الزكاة, فلو اوجبناها على المديون أيضًا .. أدى إلى تضعيف الزكاة الواحدة.
ويتفرع على ذلك لو كان مستحق الدين ذميًا .. فعلى الأول: لا تجب, وعلى الثاني: تجب.