للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِلْمُسَافِرِ سَفَرًا طَوِيلًا مُبَاحًا. وَلَو أَصْبَحَ صَائِمًا فَمَرَضَ .. أَفْطَرَ، وَإِنْ سَافَرَ .. فَلَا

ــ

قال: (وللمسافر سفرًا طويلًا مباحًا) بالإجماع، فلو كان يديم السفر أبدًا .. ففي تجويز ترك الصوم دائمًا له نظر؛ فإنه يزيل حقيقة الوجوب، بخلاف القصر، وإنما يظهر الجواز لمن يرجو إقامة يقضي فيها، قاله الشيخ وغيره.

قال: (ولو أصبح صائمًا فمرض .. أفطر)؛ لأن ضرورته قائمة، لكن لا يجوز له الفطر حتى ينوي الخروج من الصوم؛ لأنه عبادة أبيح الخروج منها قبل كمالها، فوجبت نية الخروج كالمحصر يريد التحلل.

وفائدة اقتران النية بالفطر: أن يتميز الفطر المباح من غيره، وسيأتي نظير هذا في الجماع.

قال: (وإن سافر .. فلا) كالصلاة إذا شرع فيها في الحضر ثم سافر، ولأنها عبادة اجتمع فيها الحضر والسفر فغلّب جانب الحضر.

وفي وجه: يجوز له الفطر، وبه يقال المزني محتجًا بأنه عليه الصلاة والسلام خرج عام الفتح إلى مكة صائمًا في رمضان، فلما بلغ كراع الغميم .. أفطر، رواه مسلم [١١١٤] من حديث جابر رضي الله عنه.

ظن المزني أن ذلك في يوم واحد وغلطه الأصحاب فيه؛ فإن بين المدينة وبين كراع الغميم نحو ثمانية أيام.

والمراد بالحديث: أنه صام أيامًا في سفره ثم أفطر.

وقيل: إن المزني تبين له ذلك فرجع عن هذا الاحتجاج لا عن مذهبه، ووافقه على هذا أحمد وإسحاق، لكن المزني غير منفرد بذلك فقد قال البويطي ذلك أيضًا.

وصورة المسألة: أن يفارق العمران بعد الفجر، فإن فارقها قبله .. أفطر بلا خلاف.

ولو نوى الصائم بالليل ثم سافر، ولم يعلم: أسافر قبل الفجر أم بعده؟ فليس له أن يفطر؛ لأن الشك لا يبيح الترخص.

<<  <  ج: ص:  >  >>