وأما حديث البيهقي [٥/ ٢٦٢]: الأمر بالحج في كل خمسة أعوام .. فمحمول على الاستحباب غير أنه قد يجب أكثر من مرة لعارض كالنذر والقضاء عند إفساد التطوع، وكذا على داخل مكة- على قول- وجوبًا مخيرًا بينه وبين العمرة.
قال:(وكذا العمرة في الأظهر)؛ لقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}.
وروى أحمد [٤/ ١١] والترمذي [٩٣٠] والحاكم [١/ ٤٨١] وابن حبان [٣٩٩١] عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه- واسمه لقيط-: أنه أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال:(حج عن أبيك واعتمر)).
قال أحمد: لا أعلم في إيجاب العمرة حديثًا أجود منه.
وروى ابن ماجه [٢٩٠١] بإسناد على شرط الصحيح عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: قلت: هل على النساء جهاد؟ قال:(نعم؛ جهاد لا قتال فيه، الحج والعمرة)).
وعلى هذا: حكمها كالحج في شروط الصحة والمباشرة، والوجوب والإجزاء، والقضاء عن الميت، واستنابة المعضوب فيها، والاستطاعة الواحدة كافية لوجوبها.
قال الإمام: ومن لطيف العلم أنه لو أبدل العمرة بحجة .. لم تجزئه وإن اشتملت على أعمالها وزادت وإن كنا نقيم الغسل مقام الوضوء.
والقول الثاني: إنها سنة، نص عليه في القديم و (أحكام القرآن)) من الجديد، وبه قال مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وكان يقرأ:(وأتموا الحجَّ والعمرةُ لله) بالرفع لا يعطفها على الحج.