إِنْ بَلَغَهُ مُرِيدًا لَمْ تَجُزْ مُجَاوَزَتُهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ , فَإِنْ فَعَلَ لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِيُحْرِمَ مِنْهُ إلَّا إذَا ضَاقَ الْوَقْتُ , أَوْ كَانَ الطَّرِيقُ مَخُوفًا , فَإِنْ لَمْ يَعُدْ لَزِمَهُ دَمٌ،
ــ
قال: (وإن بلغه مريدًا .. لم تجز مجاوزته بغير إحرام) بالإجماع، قاله المصنف، وهو منازع في ذلك؛ فقد حكى ابن المنذر وابن عبد البر الخلاف فيه.
والمراد: لم تجز مجاوزته إلى جهة الحرم، أما إذا جاوزها يمينً أو شمالًا وأحرم من مثل ميقات بلده أو أبعد .. فإنه يجوز، قاله الماوردي.
قال: (فإن فعل) أي: جاوزه بغير إحرام (.. لزمه العود ليحرم منه)؛ لأن الإحرام منه كان واجبًا عليه فتركه، وقد أمكنه تداركه فيأتي به، وإذا عاد .. لا دم عليه.
وقيل: إن عاد بعد مسافة القصر .. لزمه.
وظاهر عبارة المصنف: أن العود إليه محتم، وليس كذلك، بل لو عاد إلى مثل مسافته من ميقات آخر .. جاز بالاتفاق.
وعبارته أيضًا توهم وجوب تأخير الإحرام إليه، وليس كذلك، بل له أن يحرم ثم يعود إلى الميقات محرمًا؛ لأن المقصود قطع المسافة، كالمكي إذا أراد الاعتمار .. فإنه يجوز له أن يحرم من مكة ثم يخرج إلى الحل.
قال: (إلا إذا ضاق الوقت، أو كان الطريق مخوفًا) فإنه يريق دمًا ولا يعود؛ لما في العود من الضرر.
واعترض على حصر المصنف بأنه لو خاف على ماله لو تركه .. كان عذرًا، وكذلك لو كان به مرض شاق، أو خاف الانقطاع عن الرفقة.
فلو عبر المصنف بقوله: إلا لعذر كضيق الوقت وخوف الطريق .. لاستقام.
قال: (فإن لم يعد .. لزمه دم)؛ لما روى مالك [١/ ٣٩٧] عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (من نسي من نسكه شيئًا أو تركه .. فليهرق دمًا) قال الرافعي: ويروى مرفوعًا.
سواء جاوز عالمًا أو جاهلًا عامدًا أو ناسيًا، على أن مسألة السهو لا تأتي؛