لاستحالة كون الناسي قاصدًا للنسك، إلا أن يتصور بمن أنشأ سفره من بلده قاصدًا له، وقصده مستمر فسها عنه حين المجاوزة.
وشرط وجوب الدم إذا لم يعد: أن يحرم إما بالعمرة مطلقًا وإما بالحج في تلك السنة، فإن لم يحرم البتة أو أحرم بالحج بعد انقضاء تلك السنة .. فلا دم؛ لأن إحرام هذه السنة لا يصلح لسنة قابلة، والدم إنما يجب لجبر النسك لا بدلًا عنه، وبهذا يظهر أن المجاوزة وحدها ليست كافية في إيجاب الدم، بل الموجب له النقص الحاصل في النسك بسبب المجاوزة.
ولو مر الصبي أو العبد بالميقات غير محرم ثم بلغ أو عتق قبل الوقوف .. فالصحيح: أنه لا دم عليه، وصورة العبد ترد على لفظ الكتاب.
أما إذا نوى الولي الإحرام بالصبي فجاوز به الميقات ثم عقد له .. فهل يلزم الولي الفدية في مال نفسه أو لا فدية؟ وجهان.
قال:(ولو أحرم ثم عاد .. فالأصح: أنه إن عاد قبل تلبسه بنسك .. سقط الدم) سواء كان ركنًا أو سنة؛ لأنه حصل محرمًا في ميقاته قبل التلبس بشيء من أفعاله فصار كما لو أحرم من دويرة أهله.
والثاني: لا يسقط الدم بالعود، وبه قال مالك؛ لأن الإساءة تأكدت بإنشاء الإحرام من غير موضعه.
وقيل: إن عاد قبل مسافة القصر من الميقات .. لم يجب، وإلا .. وجب.
وقضية كلامه: أن الدم وجب ثم سقط بالعود، وهو وجه في (الحاوي).
والصحيح: أنه لا يجب إلا بفوات العود.
وفي وجه ثالث في (الكفاية) عن البندنيجي: أنه مراعًى؛ إن لم يعد .. تبين وجوبه عليه، وإلا .. تبين عدمه.
وحيث أسقطنا الدم بالعود لا تكون المجاوزة حرامًا كما صرح به المحاملي