الثَّالِثُ: إِزَالَةُ الشَّعْرِ
ــ
ويحرم عليه الاكتحال بما فيه طيب, فإن اكتحل بما لا طيب فيه .. فروى المزني أنه لا بأس به, وفي (الإملاء) أنه يكره.
وتوسط آخرون فقالوا: إن لم يكن فيه زينة كالتوتياء الأبيض .. لم يكره, وإن كان فيه زينة كالإثمد .. كره, وهذا التفصيل هو الأصح في (شرح المهذب (, وبه جزم في) شرح مسلم) وقال: إنه مذهب الشافعي رضي الله عنه.
قال: (الثالث: إزالة الشعر)؛ لقوله تعالى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} أي: شعر رؤوسكم, وشعر سائر الجسد ملحق به بجامع الترفه.
وقال داوود: لا فدية في حلق شعر غير الرأس, وهو رواية عن مالك.
وقوله: (إزالة) أحسن من قول (المحرر): حلق الشعر؛ لأن النتف والتقصير والإحراق وبالنورة كذلك, ومراده إزالتها من نفسه, أما إذا حلق لغيره, فإن كان المحلوق حلالًا .. فلا شيء, وإن كان محرمًا فحلقه بإذنه .. حرم عليهما, والفدية على المحلوق؛ لأنه لو حلف أن لا يحلق راسه فأمر غيره فحلق .. حنث, وسيأتى
في (الأيمان) ما يخالف هذا.
وقد يقال: إن الحالق مباشر فكيف قدم عليه الآمر؟
وأجاب القاضي أبو الطيب بأن الشعر في يد المحرم كالوديعة, ومن أمر بإتلاف وديعة في يده .. ضمنها دون المباشر لذلك.
وإن كان المحلوق نائمًا أو مكرهًا .. فالأصح: أنها على الحالق.
ومراد المصنف بـ (الشعر) الجنس فيحرم إزالة الشعرة الواحدة, ويفهم ذلك من قوله بعد ذلك: (والأظهر: أن في الشعرة مد طعام).
ولو كشط المحرم جلدة رأسه .. فلا فدية, والشعر تابع.
قال الشافعي رضي الله عنه: ولو افتدى .. كان أفضل, لكن يستثنى ما لو نبتت شعرة
أو شعرات داخل جفنه وتأذى بها .. فإنه لا فدية عليه في قلعها على الراجح.
ولو طال شعر حاجبه أو رأسه وغطى عينيه فقطع الزائد .. فلا فدية أيضًا كدفع
الصائل.