والثاني: الأفضل الجمع؛ لما روي عن علي كرم الله وجهه في وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أنه تمضمض مع الاستنشاق بماء واحد).
قال:(ثم الأصح) أي: على قول الفصل (يمضمض بغرفة ثلاثاً، ثم يستنشق بأخرى ثلاثاً)؛ لما روى البزار عن علي أنه كذلك وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأنكر ابن الصلاح هذه الرواية، وليست منكرة.
والحكمة في ذلك: أن لا ينتقل عن عضو إلا بعد إكمال ما قبله.
والثاني: بست غرفات، يتمضمض بثلاث ويستنشق بثلاث؛ لأنه أقرب إلى النظافة، وهو أنظفها وأضعفها.
وعلى قوله الفصل .. تقديم المضمضة على الاستنشاق مستحق؛ لأنهما عضوان مختلفان، فتعين الترتيب فيهما كسائر الأعضاء، وإلى هذا أشار المصنف بقوله:(ثم).
وقيل: إنه متسحب؛ لأنهما لما تقاربا نزلا منزلة العضو الواحد. والخلاف في الأفضل، فلو تمضمض واستنشق كيف كان .. فقد أدى سننهما.
قال:(ويبالغ فيهما غير الصائم)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة:(أكمل الوضوء، وبالغ [في] الاستنشاق إلا أن تكون صائماً) رواه الأربعة، وصححه الترمذي [٧٨٨] وابن خزيمة [١٥١] وابن حبان [١٠٥٤].
وفي رواية للدولابي:(وبالغ في المضمضة والاستنشاق).
وقال الصيمري والماوردي: إن الصائم يبالغ في المضمضة دون الاستنشاق؛ لأن المتمضمض متمكن من رد الماء عن وصوله إلى جوفه بأن يطبق حلقه، بخلاف المستنشق فإنه لا يمكنه دفع الماء بالخيشوم.