وقال الفوراني والمتولي: لابد من ثلاثة؛ لما روى مسلم [١٠٤٤] عن قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه أنه قال: تحملت حمالة فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال: (أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها)، ثم قال:(يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة .. فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله .. فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش –أو قال: سدادًا من عيش- ورجل أصابته فاقة حتى يقيم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقة .. فحلت له المسألة حتى يصيب قوامًا من عيش –أو قال: سدادًا من عيش- فما سواهن يا قبيصة يأكلها صاحبها سحتًا).
قال:(وشرط شاهده: خبرة باطنه)؛ لأن الإعسار أمر خفي بخلاف الشهادة على تلف المال فإنه أمر ظاهر، وسيأتي في (الشهادات) بيان أسبابها التي يعتمدها الشاهد كطول المخالطة والمجاورة إن شاء لله تعالى.
ولا تجوز لهم الشهادة اعتمادًا على ظاهر الحال، والقاضي إن عرف أنهم من أهل الخبرة الباطنة .. اكتفى بشهادتهم، وإلا .. توقف حتى يعرف ذلك، فإن قالوا: اختبرنا باطن حاله .. اكتفى.
وقوله:(شاهده) مراده: الجنس، ولو قال: شاهديه .. كان أحسن.
قال:(وليقل: هو معسر، ولا يمحض النفي كقوله: لا يملك شيئًا) بل يجمع بين الإثبات والنفي، ويقدم الإثبات فيقول: أشهد أنه معسر لا يملك إلا قوت يومه وثياب بدنه وسكنى يومه.
ولا حاجة إلى قوله: إنه تحل له الصدقة.
فروع:
قال: غريمي يعلم أني معسر، فحلفوه .. حلف، فإن نكل .. حلف المديون ولم يحبس، وإذا طلب الغريم يمينه بعد إقامة البينة .. حلف، وإن سكت .. لم يحلفه القاضي في الأصح.