للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَلَا يَفْعَلُ مُحَرَّمًا يُبْطِلُ الْعَدَالَةَ، وَلَا يُبَذِّرُ بِأَنْ يُضَيِّعَ الْمَالَ بِاحْتِمَالِ غَبْنٍ فَاحِشٍ فِي الْمُعَامَلَةِ أَوْ رَمْيِهِ فِي بَحْرٍ أَوْ إِنْفَاقِهِ فِي مُحَرَّمٍ

ــ

واستشكل الأول بأن الرشد الواقع في الآية نكرة في سياق الإثبات وهي لا تعم.

وجوابه: أنها في سياق الشرط .. فعمت، كما صرح به إمام الحرمين وغيره.

وقال ابن الرفعة: كان قاضي القضاة تقي الدين بن رزين لا يأخذ على القضاء معلومًا، ويقضي بأن الرشد صلاح المال فقط، ويستدل له بإجماع المسلمين على جواز معاملة من يلقاه الغريب من أهل البلاد، مع أن العلم محيط بأن الغالب على الناس عدم الرشد في الدين والمال، ولو كان ذلك مانعًا من نفوذ التصرف .. لم يجز الإقدام عليه.

قال: (فلا يفعل محرمًا يبطل العدالة) هذا تفسير (صلاح الدين).

والذي يبطل العدالة: الكبيرة والإصرارا على الصغيرة، فلا أثر لغير المحرمات وإن أبطلت الشهادة كالأكل في السوق ونحوه، ولا للمحرم الذي لا يبطل العدالة كالصغيرة من غير إصرار، وكذلك ما لا تعلق له بمال.

وعن بعضهم: أن المعاصي التي لا تتعلق بإضاعة المال، ولا يخاف معها في الغالب إتلافه كالغيبة، أي: أذا كثرت .. لا يحجر عليه بسببها، والمشهور الأول، هذا كله بناء على المشهور: أن ما يخل بالمروءة ليس بحرام.

وعن القاضي تقي الدين بن رزين: أنه حكى في تحريمها ثلاثة أوجه: ثالثها: أنه إن كان قد تحمل شهادة .. حرم، وإلا .. فلا.

قال: (ولا يبذر بأن يضيع المال باحتمال غبن فاحش في المعاملة، أو رميه في بحر، أو إنفاقه في محرم) قليلًا كان أو كثيرًا؛ لما في الأول والثاني من قلة العقل والثالث من قلة الدين، ولا يؤمن على ماله إلا ذو عقل ودين.

وفسر القاضي والفوراني والصيدلاني والإمام (التبذير): بأنه الذي لا يُكسب أجرًا في الآجل، ولا حمدًا في العاجل.

وقال في (أدب الدين والدنيا): (التبذير): الجهل بمواقع الحقوق، و (السرف): الجهل بمقادير الحقوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>