وكا ينبغي للمصنف التعبير بـ (الخسران) أو (السرف)؛ لأن النفقة مخصوصة بالطاعات، والخسران والضياع بضدها.
وإطلاق الشافعي رضي الله عنه والأصحاب يقتضي: أن الإنفاق في الحرام إسراف وإن قل، فقول المصنف:(إنفاقه) يعني: إنفاق جنس المال لا جميعه.
قال:(والأصح: أن صرفه في الصدقة ووجوه الخير والمطاعم والملابس التي لا تليق بحاله ليس بتبذير).
أما الصدقة ووجوه الخير كبناء المساجد والمدارس وفك الرقاب. ففيه غرض الثواب.
وانفرد الشيخ أبو محمد بقوله: إن بلغ وهو مفرط بالإنفاق في ذلك .. فهو مبذر، وإن عرض له ذلك بعد ما بلغ مقتصدًا .. لم يحكم بصيرورته مبذرًا.
وأما الصرف في المطاعم والملابس والضيافة والهدايا التي لا تليق بحاله، وكذلك شراء الجواري الكثيرة النفيسة للاستمتاع وهن غير لائقات به .. فقال الإمام والغزالي: إنه تبذير، واختاره الشيخ؛ لقضاء العرف بذلك، وهذا مقتضى كلام الصيدلاني والفوراني، بل قال القاضي في (قسم الصدقات): إنه حرام، وبه جزم الرافعي هناك؛ لظاهر قوله تعالى:{ولا تسرفوا إنه لا يجب المسرفين}.
وقوله:{والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما}.
وقوله تعالى:{ولا تبذر تبذيرا، إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين}.
وقال الأكثرون: لا يكون ذلك تبذيرًا؛ لأن المال يتخذ لينفتع ويلتذ به، وسواء في المسألتين القليل والكثير.