الماوردي هنا، وأطلق في (باب سنة الوضوء): أن الكافر الجنب لا يمنع من قراءة القرآن، ويمنع من مس المصحف، وفي كلامه في (الصداق) ما يوافقه.
ولو تنجس فم القارئ .. لم تحرم عليه القراءة قبل غسله على الأصح.
قال:(وتحل أذكاره لا بقصد قرآن)؛ لأن الأعمال بالنيات، وذلك كقوله في ابتداء الأكل: باسم الله، وفي خاتمة الأمر: الحمد لله، وعند الركوب: سبحان الذي سخر لنا هذا، وعند المصيبة: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ لأنه إذا لم يقصد القرآن .. لم يكن فيه إخلال بالتعظيم.
ولو جرى على لسانه ولم يقصد هذا ولا ذاك .. لم يحرم أيضا، ومجموع ما في ذلك أربع صور:
إحداها: أن يقصد بذلك القرآن، فيحرم على الجنب.
الثانية: أن يقصد بها الذكر والقرآن معا، فيحرم أيضا؛ لأن في الصورتين يطلق عليهما قرآن.
الثالثة: أن يقصد الذكر وحده، فلا يحرم.
الرابعة: أن لا يقصد شيئا، فلا يحرم أيضا.
وهذا الحكم لا يختص بأذكار القرآن، بل يأتي أيضا في مواعظه وأحكامه وأخباره وغير ذلك، ولهذا عبر في (الشرح) و (الروضة) بما إذا قرأ شيئا منه لا على قصد القرآن .. جاز.
فائدة:
قراءة القرآن كرامة أكرم الله بها بني آدم، والملائكة لم يعطوا هذه الفضيلة، وهي حريصة على استماعه من الإنس، كذا أفتى ابن الصلاح.
وقد يتوقف فيه من جهة أن جبريل عليه السلام هو النازل بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم. وقال الله تعالى في وصف الملائكة:{فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا} أي: تتلو القرآن.