قال الإمام: وللإمام مطالبة الواقف فيه بقضاء حاجته والانصراف، ويختص الجالس بما حوله بالقدر المحتاج إليه، لكن ليس له منع من قعد ليبيع مثل متاعه إذا لم يزاحمه، لكن ليس لغيره أن يقعد حيث يمنع رؤية متاعه أو وصول المعاملين إليه، أو يضيق عليه الكيل أو الوزن والأخذ والإعطاء.
قال:(إذا لم يضيق على المارة)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(لا ضرر ولا ضرار في الإسلام).
قال:(ولا يشترط إذن الإمام) كما لا يحتاج في الإحياء إليه؛ لإطباق الناس على ذلك في سائر الأعصار من غير إنكار.
وشمل إطلاق الذمي، وفي ثبوت هذا الإرفاق له وجهان: رجح الشيخ منهما الثبوت وإن لم يؤذن له، وإليه مال شيخه ابن الرفعة، وهو ظاهر كلام (المهذب) و (التنبيه) و (البيان)؛ لأن ضرره لا يتأبد، ولا فرق بين أن تطول إقامته بحيث يتقادم عهده أم لا.
وقيل: يقام عنه إذا تقادم عهده؛ لئلا يصير ذريعة إلى ادعاء الملك فيه، ثم هذا الحكم لا يختص بالشارع، بل الارتفاق بالصحارى والفلوات لنزول المسافرين لا نظر للإمام فيه، ولهم النزول حيث لا يضر بمجتاز.
وأما الارتفاق بأفنية المنازل في الأملاك، فإن أضر ذلك بأربابها .. منعوا إلا بإذنهم، وإلا فإن كان الجلوس على عتبة الدار .. لم يجز إلا بإذنهم، ولا يجوز أن يأخذ على القعود في فناء الدار أجرة بحال، كما لا يجوز أن يبيعه منفرداً، وحكم فناء المسجد حكم فناء الدار.
قال:(وله تظليل مقعده ببارية أو غيرها) لجريان العادة بذلك وعدم إضراره بالمارة، وكان الأولى أن يقول: ونحوها؛ لأن الجواز مقيد بما إذا كان المظلل به ينقل معه، فإن كان مثبتاً ببناء .. لم يجز.
و (البارية) بتشديد الياء وربما خففت، ويقال فيها: بورياء كلوبياء وهي: شيء ينسج من القصب كالحصير.