قال:(ولو سبق ليه اثنان .. أقرع)؛ إذ لا مزية لأحدهما على الآخر، اللهم إلا أن يكون أحدهما مسلماً والآخر ذمياً .. فيظهر أن يقدم المسلم إن أثبتنا للذمي هذا الارتفاق، وقد أطلق الشيخان فيه وجهين، وإطلاق الكتاب وغيره يقتضي أن له ذلك، وعليه عمل الناس من غير نكير.
قال:(وقيل: يقدم الإمام برأيه) كما بيت المال، ولا يأتي هنا.
الوجه الثالث: في المعدن الظاهر: أنه يقسم بينهما؛ لأن موضع الواحد لا يكفي الاثنين، لكن في (الاستقصاء) حكى وجهاً بالمهايأة، ووجهاً أنهما يتركان حتى يصطلحا.
ومحل الخلاف ما لم يبن دكة، فإن بناها .. لزمه الأجرة.
وأجمعوا على أنه ليس للإمام ولا لغيره أن يأخذ ممن يرتفق بالجلوس للبيع وغيره في الشوارع عوضاً.
قال الشيخ: وقد رأينا في هذا الزمان من وكلاء بيت المال من يبيع من الشوارع ما يقول: إنه يفضل عن حاجة المسلمين، وهذا لا يقتضيه قول أحد؛ لأن البيع يقتضي تقدم الملك، ولو جوزنا ذلك .. لجوزنا للإمام أن يبيع الموات ولا نعرف من يقول به، وهذا الذي يفعله وكلاء بيت المال من بيع ذلك لا يجوز، فليحذر منه، وقد قال لي ابن الرفعة عن بعض وكلاء بيت المال بالديار المصرية وقد فعل ذلك: لا أدري بأي وجه يلقى الله.
فرع:
الأصح أن للإمام أن يقطع الشارع فيصير المقطع أحق به كالمتحجر، ولا يجوز لأحد تملكه بالإحياء على الصحيح، وذكر الرافعي في (الجنايات) أنه تقدم في (الإحياء) أن الأكثرين جوزوا الإقطاع، وأن المقطع يبنى فيه ويتملك، وما ذكره في الإقطاع صحيح، وأما في البناء والتمليك .. فهو وجه ضعيف.