تقييده بالباطن يفهم أنه لو حصل معدن ظاهر .. لا يملكه، وبه صرح شراح (الحاوي) وليس كذلك، فقد حكى الإمام فيه الإجماع كما تقدم في أول الفصل، فالصواب حذف لفظه (باطن).
قال الشيخ: لم يرد أنه لا يملك الظاهر، بل يملكه ملكًا مؤبدًا قطعًا؛ لإجماع الأصحاب على أن من أحيا أرضا مواتاً ملكها بجميع أجزائها، وصرح كثير بملك النوعين بذلك، منهم الإمام والماوردي والدارمي وابن الصباغ وغيرهم، ولم يذكر في (البسيط) ولا (الوسيط) لفظة (الباطن).
ولو قال المالك: اعمل فيه وما استخرجته فهو لك، أو قال: استخرج لنفسك .. فالحاصل لمالك المعدن؛ لأنه هبة مجهول، والأصح أنه يستحق الأجرة.
قال:(والمياه المباحة من الأودية والعيون في الجبال يستوي الناس فيها)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار) رواه أبو داوود [٢٤٧١].
وفي (ابن ماجه)[٢٤٧٣]: (ثلاث لا يمنعن) فذكره.
فلا يجوز تحجرها لأحد، ولا للإمام إقطاعًا بالإجماع، ولا بيعها، وإن حضر اثنان فصاعدًا .. أخذ كل ما يشاء، فإن ضاق .. قدم السابق، فإن جاءا معًا .. أقرع، ويقدم طالب الشرب على طالب السقي.
والمراد بالمباح ما لا مالك له كالنيل والفرات ودجلة.
واحترز به عن المملوكة بأن حفر رجلا نهراً يدخل فيه الماء من الوادي أو النهر المتخرق منه .. فالماء باق على إباحته لكن مالك النهر أحق به كالسيل يدخل ملكه، فليس لأحد مزاحمته بسقي الأرض، وأما للشرب والاستعمال وسقي الدواب .. فيجوز ما لم يضر به، ولو جهل أمره بأن وجد نهر تسقى منه أراض ولم يدر هل انخرق بنفسه أو حفر .. فالأصح- وبه جزم الشيخان-: الحكم بأنه مملوك.