ويستثنى من إطلاق ما لو كان عليه قاطنون فأهل النهر أولى به، قاله القاضي أبو الطيب.
قال:(فإن أراد قوم سقي أراضيهم منها فضاق .. سقي الأعلى فالأعلى) حتى لو كان زرع الأسفل يهلك إلى أن ينتهي الماء إليه لم يجب على من فوقه الإرسال إليه، بل يحبس الماء إلى أن يبلغ الكعبين؛ لما روى الحاكم [٢/ ٦٢] عن عائشة وأبو داوود [٣٦٣٤] عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بذلك في سيل مهزور- بتقديم الزاي- ومذنب، وهما موضعان بالمدينة) وروى ابن ماجه [٢٤٨٢] قريباً من ذلك.
مهمة:
المراد بـ (الأعلى) الذي لا يتقدمه أحد، وبالتالي الذي أحيي بعد الأول، وليس المراد بالثاني الأقرب إلى أصل النهر فالأقرب، بل الاعتبار بالسبق، كذا صرح به القاضي أبو الطيب وصاحبًا (المهذب) و (الشافي).
وفي (مغنى الحنابلة): وكثير من الناس يغلطون في ذلك ويجمدون على ظاهر قولهم: الأعلى فالأعلى، وإنما خرج ذلك على الغالب، وبعضهم يقول: الأول فالأول، والمراد: أول إحياء، وما أوهم خلاف ذلك من كلام الماوردي وابن الصباغ مؤول.
قال:(وحبس كل واحد الماء حتى يبلغ الكعبين) أي: يبلغ الجانب الأعلى منهما كما في آية الوضوء؛ لما روى الشيخان [خ٢٣٦٠ - م٢٣٥٧] وأصحاب السنن من حديث عبد الله بن الزبير: أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير في شراج الحرة التي