يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرح الماء يمر فأبى عليه، فاختصما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم للزبير:(اسق يا زبير حتى تبلغ الكعبين، ثم أرسل لماء إلى جارك) فغضب الأنصاري فقال: أن كان ابن عمتك، فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:(اسق يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدار) فأولا أمره بأخذ بعض حقه، وثانياً أمره باستيفائه، والذي قاله المصنف هو ما ذهب إليه الجمهور.
وقيل: يرجع فيه إلى العادة، وهي تختلف باختلاف الأرض وما فيها من زرع، وبالزمان كما جزم به المتولي والماوردي، وقواه الشيخ.
وقيل: لا يقدم الأعلى، بل يسقون بالحصص، وهو غريب بل غلط.
واحترز بقوله أولاً:(ضاق) عما إذا لم يضق بأن كان يكفي الجميع، فإن كلا يسقي ما شاء متى شاء، وربما يظن أن الأنهار الكبار لا تحتاج إلى هذا الترتيب فيها لسعتها وليس كذلك، فإن أعظم الأنهار نيل مصر وسقي بلادها منه يحتاج إلى ضبط بالجسور ونحوها لتروى بلادها، وإلا .. فيضيع على بعضها، وكذلك أنهار الشام بالنسبة إلى بساتينها ودورها.
قال:(فإن كان في الأرض ارتفاع وانخفاض .. أفرد كل طرف بسقي) وطريقه: أن يسقي المنخفض أولاً حتى يبلغ الكعبين، ثم يسده ويسقي المرتفع، لأنهما لو سقيا معاً .. لزاد الماء في المنخفضة على القدر المستحق، بل طريقه: أن يسقي المنخفض حتى يبلغ الكعبين، ثم يسد ويسقي المرتفع.
قال الشيخ: والظاهر أنه لا يتعين البداءة بالأسفل، بل لو عكس .. جاز، ومرادهم لئلا يزيد في المستفلة على الكعبين، ولو سقى الأول ثم احتاج إلى السقي مرة أخرى .. مكن منه في الأصح.
وعمارة حافات هذه الأنهار من بيت المال.
ولو أراد رحل أحياء أرض وقيها من هذا الماء، فإن ضيق على الباقين .. منع، وإلا .. فلا.