قال:(وما أخذ من هذا الماء) أي: المباح (في إناء .. ملك على الصحيح) كالاحتطاب والاحتشاش، ولا يجب بذله إلا لمضطر، وكذلك إذا وضعه في حوض مسدود المنافذ .. نقل عن ابن المنذر فيه الإجماع، ولا يجب بذله إلا لمضطر، ومقابله وجه ضعيف يحكى عن أبي إسحاق: أنه لا يملك بحال؛ لأن الناس شركاء فيه.
واحترز بـ (المأخوذ في إناء) عن الداخل في ملكه بسيل؛ فإنه لا يملك بدخوله في الأصح.
وخص المتولي الوجهين بماء المطر إذا اجتمع في أرضه، وجزم بأنه لا يملك ماء السيل بدخوله في أرضه، وهذا إن صح كان وجهاً ثالثاً.
وقال ابن الصلاح: إذا دخل الماء في كيزان الدولاب الذي يديره الماء .. ملكه صاحب الدولاب كما لو استقى بنفسه، وكذا لو أدارته دابة من طريق أولى، ولو أخذه ثم أعاده إليه .. لا يصير شريكاً في النهر باتفاق الأصحاب.
قال:(وحافر بئر بموات للارتفاق أولى بمائها حتى يرتحل) المراد أولى بما يحتاج إليه من مائها لسقيه وماشيته وزرعته، لقوله صلى الله عليه وسلم:(من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم .. فهو أحق به) فإذا ارتحل .. صارت كالمحفورة للمارة، فلكل أحد الشرب منها ويسقي الزرع، فإذا عاد حافرها .. فهو فيها كغيره.
والمراد بقوله:(للارتفاق): ارتفاق نفسه، أما الحفر لارتفاق المارة .. فهو كأحدهم، وكذا الحافر بلا قصد في الأصح.
والمراد بكونه (أولى بمائها): فيما يحتاج إليه له ولماشيته وزرعته لا مطلقاً، فليس له منع ما فضل عنه عن المحتاج إليه للشرب إذا استقى بدلو نفسه، ولا منع مواشيه، وله منع غيره من سقي الزرع به، وفيه احتمال للإمام.