وفي (سنن أبي داوود): عن عبد الله بن عمرو بن العاصي أنه قال: (العلم ثلاثة وما سوى ذلك فهو فضل: آية محكمة أو سنة قائمة أو فريضة عادلة).
قال الخطابي: فيه حث على تعلم الفرائض وتحريض عليه وتقديم لعلمه.
والآية المحكمة: التي لم تنسخ، والسنة القائمة: الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والفريضة العادلة: قيل: من العدل في القسمة، وقيل: إنها استنبطت من الكتاب والسنة فتكون تعدل ما نص عليه في الكتاب والسنة كمسألة زوج وأبوين.
روى عكرمة عن ابن عباس: أنه أرسل إلى زيد بن ثابت فسأله عن امرأة تركت زوجًا وأبوين فقال: (للزوج النصف وللأم ثلث ما بقي، فقال: تجده في كتاب الله أم تقوله برأي؟ قال: أقوله برأي، لا أفضل أمًا على أب) قال: فهذا من باب تعويل الفريضة إذا لم يكن فيها نص أن تعتبر بالمنصوص عليه وهو قوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِهِ الثُّلُثُ} وكانَ هذا أعدل مما ذهب إليه ابن عباس من توفير الثلث على الأم وبخس الأب حقه برده إلى السدس، فترك قوله وصار عامة الفقهاء إلى قول زيد.
فائدة:
قال الحافظ أبو عمر وغيره: أول موروث في الإسلام عدي بن نضلة بن عبد العزى، هاجر هو وابنه النعمان بن عدي إلى أرض الحبشة فمات بها وورثه ولده هناك، فكان النعمان أول وارث في الإسلام، واستعمله عمر على ميسان ولم يستعمل من قومه غيره، وأراد امرأته على الخروج معه إلى ميسان فأبت فكتب إليها أبيات شعر وهي (من الطويل):
فمن مبلغ الحسناء أن حليلها .... بميسان يسقى في زجاج وحنتم
إذا شئت غنتني دهاقين قرية .... وصناجة تحدو على كل ميسم