قال:(فرأيت اختصاره في نحو نصف حجمه؛ ليسهل حفظه)؛ لأن ما كبر حجمه أحجم الطلاب عن تحصيله، وما اختصر رغبوا في إجماله وتفصيله.
و (رأيت): من الرأي، وهو: الاعتقاد، يتعدى إلى مفعولين.
و (الاختصار): حذف الفضول من كل شيء.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:(أوتيت جوامع الكلم، واختصر لي الكلام اختصاراً).
و (جوامع الكلم)، قيل: القرآن؛ لأن الله تعالى جمع في ألفاظه اليسيرة معاني كثيرة، وكان صلى الله عليه وسلم يتكلم بجوامع الكلم.
و (نحو الشيء): قربه، فإن قيل: في عبارة المصنف نظر؛ فإنه إلا ثلاثة أرباعه أقرب .. فالجواب: أنه أراد ذلك أولاً، فلم يتفق له مع ما يقصده من التسهيل والإيضاح، أو يريد: نحو نصف حجمه مما يختص بـ (المحرر) دون (الزوائد).
وقد قال شيخ الإسلام القشيري - في شرح قوله صلى الله عليه وسلم:(من توضأ نحو وضوئي هذا) -: إن لفظة (نحو) لا تقتضي المساواة من كل وجه بخلاف لفظة مثل.
وقال في حديث:(إذا سمعتم المؤذن .. فقولوا مثل ما يقول): إن لفظة (مثل) لا تقتضي المساواة من كل وجه؛ فإنه لا يريد بذلك مماثلته في رفع الصوت وغيره.
و (النصف) مثلث النون، وفيه لغة رابعة: نصيف، بزيادة ياء وفتح أوله.
ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:(لو أنفق أحدكم ملء الأرض .. ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه).