فَصْلٌ:
الْحَضَانَةُ: حِفْظُ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ وَتَرْبِيتَهُ. وَالإِنَاثُ أَلْيَقُ بِهَا, وَأوْلاَهُنَّ: أُمُّ
ــ
قال: (فصل:
الحضانة: حفظ من لا يستقل) أي: عما يؤذيه, وهي بفتح الحاء: مأخوذة من الحضن بكسرها وهو الجنب؛ لأنها تضمه إلى حضنها, وتنتهي بالتمييز, ثم بعده إلى البلوغ تسمى كفالة, قاله الماوردي.
والمراد: من لا يستقل بأمر نفسه؛ لعدم تمييزه, ليشمل الطفل والكبير والمجنون ومن به خبل وقلة تمييز.
والأصل فيها: قوله تعالى: {وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} والأحاديث الآتية في الباب.
قال: (وتربيته) التربية: التنمية وحسن القيام عليه حتى يفارق الطفولية, بالقيام بتعهده من طعامه وشرابه, وقضاء حاجته, وغسل بدنه وثيابه من النجاسة والوسخ, وتنويمه وتمريضه وتحنيكه وتمشيطه, وغسل وجهه وأطراف يديه, ونحو ذلك من مصالحه.
قال: (والإناث أليق بها) مع أنها نوع ولاية وسلطنة؛ لأنهن أهدى إلى التربية, فهن بها أخبر وعليها أصبر لفرط حنوهن.
ومؤنة الحضانة على من تجب عليه النفقة, ولهذا ذكرت عقيب النفقات, وقيل: لا أجرة لها بعد الفطام.
قال: (وأولاهن: أم)؛ لوفور شفقتها, وروى الحاكم [٢/ ٢٠٧] وأبو داوود [٢٢٧٠] عن ابن عمرو: أن امرأة قالت: يا رسول الله؛ إن ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجري له حواء, وإن أباه طلقني وأراد أن ينزعه مني, فقال صلى الله عليه وسلم: (أنت أحق به ما لم تنكحي).
فإذا امتنعت الأم .. لم تجبر؛ لأن من ترك حقه .. لم يجبر على استيفائه, فإذا وجبت عليها بأن لم يكن أب وإن علا ولا مال له .. فتجبر كما يجبر من امتنع من الحق.