واحترزوا بقولهم: فيما يأمن مثله في القضاء .. عن الخطأ في الوقوف بعرفة، فإن القضاء لا يجب؛ لأن مثله غير مأمون في القضاء.
والثاني- وهو مذهب الأئمة الثلاثة-: لا يقضي؛ لأنه ترك القبلة بعذر، فأشبه تركها في حال القتال، ونقله الترمذي [٢/ ١٧٧] عن أكثر أهل العلم، واختاره المزني، واستدلوا له بصلاة أهل قباء التي استداروا فيها بعد أن جاءهم بالخبر عباد بن نهيك الخطمي الأنصاري، وقيل: عباد بن بشر، فوجدهم يصلون إلى بيت المقدس، فأخبرهم أن القبلة حولت، فأتموا الركعتين الباقيتين نحو المسجد الحرام.
وأجاب الأصحاب بأنا إن لم نثبت النسخ في حقهم إلا بعد بلوغ الخبر .. فكل من الجهتين في حقهم قبلة، وإن أثبتنا قبل بلوغه .. فالفرق: أنهم كانوا متمسكين بنص، فلا ينسبون إلى تقصير، بخلاف المجتهد فإنه قد يكون قصر في اجتهاده.
قال الشيخ: وحقيقة الخلاف ترجع إلى أن الواجب ما في نفس الأمر، أو ما ظنه المكلف، كما إذا دفع الزكاة إلى من ظنه فقيراً فبان غنيًا، لكن يشكل على ذلك ما إذا صلى قبل الوقت بالاجتهاد ثم تبين بقاء الوقت .. فإنه يعيد قطعًا، وما إذا ظن الطهارة ثم تبين خلافه.
ولا فرق في جريان القولين بين أن يتيقن الصواب أو لا، على المذهب.
واحترز بـ (اليقين): عن من ظن الخطأ .. فإنه لا يعيد على الصحيح، كما سيأتي فيما إذا صلى أربع ركعات لأربع جهات.
وقوله:(قضى) يشعر بأن صورة المسألة: ما إذا بان بعد الوقت، فإن بان فيه .. وجب القضاء قطعًا، كما في نظيره من الاجتهاد في وقت الصلاة والصوم.
قال:(فلو تيقنه فيها .. وجب استئنافها)؛ لأنه تحقق إيقاع جزء من صلاته إلى غير قبلة محسوبة.