هذا كله إذا ظهر الخطأ في الجهة، فإن ظهر في التيامن والتياسر .. فالأصح: كذلك، فلذلك أطلقه المصنف.
والمراد بـ (التيقن) هنا: ما يمتنع معه الاجتهاد، فيدخل فيه خبر الواحد الثقة- لأن الفقهاء إذا أطلقوا اليقين .. اندرج ذلك فيه، ولهذا يمتنع معه الاجتهاد- وإذا أخبره بنجاسة الماء الذي صلى به بالاجتهاد، وفي غير ذلك من المسائل، ونص (البويطي) شاهد لذلك.
قال:(وإن تغير اجتهاده .. عمل بالثاني)؛ لأنه الصواب في ظنه. وهذا بخلاف الأواني، والفرق: أن هذه القضية أخرى غير الأولى، فلا يلزم منها نقض الاجتهاد بالاجتهاد فكان كالحاكم، ولأنه لا يمكن أن يعمل بالأول؛ لأنه الآن يعتقد خطأه، ولا بهما، ولا يتركهما، فتعين العمل بالثاني.
قال في (الروضة): والحق أنه متى كان الثاني أوضح .. اعتمده وهو المراد بتغير الاجتهاد، ومتى كان الأول أوضح .. اعتمده ولا يغير، ومتى استويا: فإن كان قبل الصلاة .. فكما لو تحير، فلو كان في الصلاة .. استمر فيها؛ لأنه بتعارض الدليلين حصل له شك، وقد سبق له ظن.
قال:(ولا قضاء)؛ لأن الاجتهاد لا ينقص بالاجتهاد.
قال:(حتى لو صلى أربع ركعات لأربع جهات بالاجتهاد .. فلا قضاء)؛ لأن كل واحدة مؤداة باجتهاد لم يتعين فيه الخطأ.
وقيل: يقضي الجميع؛ لأن الخطأ متيقن في ثلاث منها، وصوبه الشيخ؛ لأن الصلاة اشتملت على الخطأ قطعًا، وليست كصلاة أهل قباء التي استداروا فيها كما تقدم.
قال: (وكيف لا يجب قضاؤها، وبعضها إلى غير القبلة قطعًا؟!
وإذا ثبت تعين الخطأ فيها .. امتنع الاستمرار فيها، وجب استئنافها.
وفي وجه ثالث: يقضي غير الأخيرة، ويجعل الاجتهاد الأخير ناسخًا لما قبله.