وفي القديم: يجوز التعزير بالمال، وسكت الرافعي هنا عن التعزير بالنفي، وذكره في (باب حد الزنا)، وقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نفى المخنثين من المدينة)، ونفى الحكم بن أبي العاصي بن أمية إلى الطائف)، وسيأتي خبره في الباب الذي بعد هذا، ونفى رجلًا خضب يديه ورجليه بالحناء كما تقدم في (باب ترك الصلاة).
قال:(ويجتهد الإمام في جنسه وقدره)؛ لأنه يحتاج إلى نظر واجتهاد، وعلم من هذا: أنه لا يستوفيه إلا الإمام، وهو كذلك؛ لعموم ولايته، ومعنى تخييره فيه: أنه يجتهد في سلوك الأصلح؛ لاختلاف ذلك باختلاف مراتب الناس وباختلاف المعاصي.
وليس له أن يفوضه إلى مستحقه ولا إلى المستحق عليه ولا إلى أبيه ولا ابنه، وليس ذلك لغيره إلا ثلاثة:
الأب؛ فله تأديب ولده الصغير للتعليم والزجر عن سيئ الأخلاق، والظاهر: أن الأمم ومَن الصبيُّ في كفالته كذلك للأمر بالصلاة والضرب عليها، وليس للأب تعزير البالغ وإن كان سفيهًا على الأصح.
الثاني: السيد يعزر رقيقه في حق نفسه، وكذا في حق الله على الأصح.
الثالث: الزوج له تعزير زوجته في أمر النشوز على الوجه المتقدم في بابه، وهل له تأديبها إذا كانت تؤذيه بالشتم والبذاءة؟ فيه تردد تقدم.
قال القمولي: رأيت فيما علق عن بعض مشايخ عصرنا: أن الظاهر أن للزوج تأديب زوجته الصغيرة للتأديب، والتعليم، واعتياد الصلاة، واجتناب المساوئ.
وأفتى جمال الإسلام عمر ابن البَزْري بأنه يجب على الزوج أمر زوجته بالصلاة في أوقاتها، ويجب عليه ضربها على ذلك).