وَالدَّفْعُ عَنْ غَيْرِهِ كَهُوَ عَنْ نَفْسِهِ, وَقِيلَ: يَجِبُ قَطْعًا
ــ
قال الإمام: ولا خلاف في استحباب الإيثار وإن أدى إلى هلاك المؤثر؛ فهو من شيم الصالحين, كما يؤثر المضطر مضطرًا آخر.
قال: (والدفع عن غيره كهو عن نفسه) , فيجب حيث يجب, وينتفي حيث ينتفي, ففي (مسند أحمد) [٣/ ٤٨٧] عن سهل بن حُنيف: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أنلَّ عنده مسلم فلم ينصره وهو يقدر على أن ينصره .. أنلَّه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة). قال: (وقيل: يجب قطعًا)؛ لأن له الإيثار بحق نفسه دون غيره.
وفي المسألة طريقة ثالثة: أنه لا يجب قطعًا, ونسبها الإمام إلى معظم الأصوليين؛ لأن شهر السلاح مُحرِّك للفتن, وليس ذلك من شأن آحاد الناس, بل ذلك للأئمة.
وعلى ذلك: هل يحرم أو يجوز؟ فيه خلاف عنهم, وجزم في (الوجيز) بتحريمه. قال الإمام نصر: لا يختص الخلاف بالصائل, بل من أقدم على محرم من شرب خمر أو غيره .. فهل للآحاد منعه بما يجرح أو يأتي على النفس؟ فيه وجهان: قال الأصوليون: لا, والفقهاء: نعم, قال الرافعي: وهو الموجود في المذهب, حتى قالوا: له هجم البيت لإراقته وتفصيل الطنبور ويمنعهم, فإن أبوا .. قاتلهم, وإن أتى على أنفسهم .. فلا ضمان, ومحل القول بالوجوب: ما أنا لم يخف على نفسه, كما جزم به الرافعي هنا وإن اقتضى كلامه في (السير) خلافه.
وقوله: (كهو) كثيرًا ما يستعمله المصنف وغيره من الفقهاء, وهو قليل؛ فإن الكاف لا تجر الا الظاهر فقط, وجرها ضمير الغائب قليل, وقد تقدم هذا في) باب صلاة العيدين) وغيره.
تذنيب:
قال في (الإحياء) مهما قدر على حفظ مال غيره من الضياع من غير أن يناله تعب في بدنه أو خسران في ماله .. وجب عليه, وهو أقل درجات حقوق المسلم,