وروى أبو داوود [٣٠٣٦] والبيهقي [٩/ ٢٠٢]: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من أهل نجرن، ومن أهل أيلة).
وانعقد الإجماع على أخذها منهم.
والمعنى فيه: أن الصغار والذل يحملهم على الإسلام مع مخالطة المسلمين الداعية لهم إلى معرفة محاسن الإسلام، ولأن في أخذها معزة لنا وإهانة لهم، وربما يحملهم ذلك على الإسلام.
قال: صورة عقدها: أقركم بدار الإسلام أو أذنت في إقامتكم بها على أن تبذلوا جزية وتنقادوا لحكم الإسلام) أي: فيما سوى العبادات، قال الله تعالى:{حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} أي: بالتزام أحْكام الإسلام كما فسره الشافعي في (الأم)؛ لأن الحكم على الشخص بما لا يعتقده ويضطر إلى احتماله عد صغارًا، قال ابن سيده: الصاغر: الراضي بالذل.
وأطبق الأصحاب على اعتبار هذين الشرطين، واستشكل القاضي حسين اشتراط الانقياد إلى جريان الأحكام وهي من مقتضيات العقد، والتصريح بمقتضى العقد لا يشترط في صحته، وأقيم هذا وجهًا، وهو شاذ مذهبًا، متَّجه تعليلًا.
واشترط الماوردي ثالثًا: وهو أن لا يجتمعوا على قتال المسلمين ليكونوا آمنين منهم كما أمنوهم، ونقله الإمام عن الأئمة، ويأتي فيه إشكال القاضي حسين.
ولا يخفى أن المراد بـ (دار الإسلام) غير الحجاز كما سيأتي.
والمراد بـ (أحكام الإسلام) حقوق الآدميين في المعاملات وغرامة المتلفات؛ لتخرج بذلك العبادات.
ونقل الإمام عن العراقيين: أن المراد: أنهم إذا فعلوا ما يعتقدون تحريمه يجري عليهم حكم الله فيه، ولا يعتبر فيه رضاهم كالزنا والسرقة، وأما ما يستحلونه كحد الخمر .. فلا يقام عليهم في الأصح وإن رضوا بحكمنا.