للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَيُسَنُّ أَنْ لاَ يَاكُلَهُ وَيُطْعِمَهُ رَقِيقَهُ وَنَاضِحَهُ

ــ

وسئل الحسن البصري عن كسب الماشطة فقال: حرام؛ لأن فعلها غالبًا لا يخلو عن حرام أو تغيير لخلق الله، وبه أجاب ابن عقيل الحنبلي في كتاب (الفنون).

قال: (ويسن أن لا يأكله ويطعمه رقيقه وناضحه)؛ لما روى مالك [٢/ ٩٧٤] وأبو داوود [٣٤١٥] والترمذي [١٢٧٧] عن ابن محيصة عن أبيه أنه استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أجرة الحجام فنهاه، فلم يزل يسأله حتى قال له: (اعلفه ناضحك ورقيقك).

ولأن دناءة العبد تناسب دناءة الكسب.

وذكره (الناضح) تبع فيه الحديث، والمراد: دوابه.

وفي كراهة التصديق به احتمال، وهل الكراهة مقصورة على الأكل حتى لو اشترى به ثوبًا .. لم يكره؟ الظاهر: التعميم، لكن كلام الأكثرين مخصوص بالأكل.

فائدة:

الأشبه بمذهب الشافعي: تفضيل التجارة على الزراعة وعمل اليد؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يكتسبون بها.

وفضل الماوردي والمصنف الزراعة؛ لأنها أقرب إلى التوكل، ورد بأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بعض دور الأنصار آلة حرث فقال: (ما دخل هذا دار قوم إلا دخلها الذل) رواه البخاري [٢٣٢١].

وقيل: الصناعة أطيب؛ لأن الكسب فيها يحصل بكد اليمين، وروى الخطيب البغدادي في (المتشابه) [١/ ١٢٤] عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من الذنوب ما لا تكفره الصلاة ولا الصوم ولا الحج ولا العمرة)، قيل: فما يكفرها يا رسول الله؟ قال: (عَرَق الجبين في الحرفة) وفي رواية: (تكفرها الهموم في طلب المعيشة).

وفي (الصحيحين) [خ ٢٠٧٢]: (ما أكل أحد طعامًا خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وأن نبي الله داوود كان يأكل من عمل يده).

<<  <  ج: ص:  >  >>