وقال ابن خزيمة: يحرم كسب الحجام على الحر دون العبد؛ لما روى مسلم [١٥٦٨]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كسب الحجام خبيث) والنبي صلى الله عليه وسلم أعطى الأجرة لأبي طيبة وهو رقيق، والمذهب الأول.
والجواب: أنه أراد بـ (الخبيث): الدنيء، كقوله تعالى:{وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} أراد به الرديء؛ لقوله:{وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ}، ولأن الناس لم يزالوا في عصره صلى الله عليه وسلم وإلى وقتنا هذا يكتسبون به من غير نكير.
وسئل ابن عباس عن كسب حجام له ما يصنع به؟ فقال: كله.
وقال القاضي حسين إذا أكل الحجام كسب نفسه لا يكره؛ لأنه لابد له منه، وإنما يكره إذا كان له عبيد يخارجهم وهم حجامون، أو أكل غير سيدهم من كسبهم، والمشهور الأول، وفي علة الكراهة وجهان:
أصحهما: مباشرة النجاسة.
وثانيهما: دناءة الحرفة، فعلى الأول يكره كسب الكناس الذي يستخرج العذرة من المراحيض، والزبال والقصاب والدباغ، وألحق الماوردي بهم السماك، وكذلك الجرائحي والفاصد.
وقيل: لا يكره كسب الفاصد، ورجحه المصنف؛ لأنه قلما يباشر النجاسة.
وعلى الثاني: تتعدى الكراهة إلى كسب أصحاب الحرف الدنيئة كالحلاق وقيّم الحمام.
وفي الحمامي وجهان من حيث مشاهدته العورات، أما الكسب باستئجار الحمامات واستغلالها .. فأخف، والعرف قاض بدنائته أيضًا.
وفي كسب الحائك وجهان: أصحهما: لا يكره.
وفي كسب الصباغين والصواغين وجهان؛ لكثرة إخلافهم الوعد، والوقوع في الربا، وفي (مسند أبي داوود الطيالسي)[٢٥٧٤]: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أكذب الناس الصباغون والصواغون).