وَمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مَوْتًا أَوْ مَرَضًا مَخُوفًا وَوَجَدَ مُحَرَّمًا .. لَزِمَهُ أَكْلُهُ، وَقِيلَ: يَجُوزُ، فَإِنْ تَوَقَّعَ حَلاَلاً قَرِيبًا .. لَمْ يَجُزْ غَيْرُ سَدِّ الرَّمَقِ، وَإِلاَّ .. فَفِي قَوْلٍ: يَشْبَعُ،
ــ
واستدل الجويني بأنه لو لم يحل الجنين بذكاة الأم .. لما جازت ذكاتها مع ظهور الحمل كما لا تقتل الحمل قصاصًا.
وقال مالك: إن أشعر تشترط ذكاته، وإلا .. فيحل بذكاة الأم.
ولا يخفى أن مراد الأصحاب إذا مات بذكاة أمه، فلو مات قبل ذكاتها .. كان ميتة لا محالة؛ لأن ذكاة الأم لم تؤثر فيه.
قال: (ومن خاف على نفسه موتًا أو مرضًا مخوفًا ووجد محرمًا) كميتة ودم ولحم خنزير وما في معناه.
قال: (.. لزمه أكله) كما يجب دفع الهلاك بأكل الحلال، وخوف طول مدة المرض كخوف الموت، وكذا خوف الضعف عن المشي أو الركوب أو الانقطاع عن الرفقة، وكذا يحل له الأكل إذا عيل صبره أو أجهده الجوع.
ولا يشترط فيما يخاف منه تيقن وقوعه لو لم يأكل، بل تكفي غلبة الظن.
ولا خلاف أنه لا يجب الوصول إلى الإشراف على الموت؛ فإن الأكل حينئذ لا ينفع، لكن يستثنى العاصي بسفره، فليس له الأكل حتى يتوب.
ثم الذي يأكله المضطر الظاهر أنه حلال، لكن قال العبادي: لو حلف لا يأكل حرامًا فأكل ميتة وهو مضطر .. حنث؛ لأنه حرام ولكن رخص فيه الشارع، ولعل هذا منه بناء على أن الأعيان توصف بالحل والحرمة.
قال: (وقيل: يجوز) ولا يجب؛ لأنه قد يريد التورع عن الحرام لتردده في الانتهاء إلى حد الضرورة، كالمصول عليه يتردد في القدر الدافع للصائل فيتورع.
قال: (فإن توقع حلالاً قريبًا .. لم يجز غير سد الرمق)؛ لاندفاع الضرورة به.
و (الرمق) بقية الروح، وقيل: القوة، فـ (سد الرمق) على هذا بالشين المعجمة، نبه عليه الشيخ محب الدين الطبري، وصوبه في (المهمات).
قال: (وإلا) أي: وإن لم يتوقع حلالاً قريبًا (.. ففي قول: يشبع)؛ لأنه