وَلَهُ تَقْدِيمُ كَفَّارَةٍ بِغَيْرِ صَوْمٍ عَلَى حِنْثٍ جَائِزِ,
ــ
فإن قيل: الزوج لا يلزمه الوطء, فإذا آلى وانقضت المدة لزمه .. قلنا: المراد: أن اليمين لا تصير المباح حراما ولا الحرام واجبا, كما صار إليه أبو حنيفة فيها, ويمين المولي كذلك.
قال: (وله تقديم كفارة بغير صوم على حنث جائز)؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إني لا أحلف على يمين ثم أرى غيرها خيرا منها .. إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير) رواه الشيخان.
وقال صلى الله عليه وسلم: (يا عبد الرحمن بن سمرة؛ إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها .. فكفر عن يمينك ثم ائت الذي هو خير) رواه أبو داوود [٣٢٧١] والنسائي [٧/ ١١].
وأيضا: فإن الكفارة حق مالي يتعلق بسببين, فجاز تقديمها على أحدهما لا عليهما كزكاة الفطر, وبهذا قال مالك والأوزاعي والثوري وأربعة عشر صحابيا لكن قالوا: يستحب كونها بعد الحنث خروجا من خلاف أبي حنيفة؛ فإنه لا يجوز تقديمها على الحنث بكل حال.
والخلاف بيننا وبينه ينبني على أن اليمين عندنا سبب الكفارة, والحق المالي يجوز إخراجه بعد وجوب سببه أو أحد سببيه, كما تعجل الزكاة على الحول بعد كمال النصاب.
وعنده السبب الحنث, والتقديم على السبب لا يجوز كما لا يجوز تقديم الزكاة على ملك النصاب وكفارة الوقاع عليه.
وأما الصوم .. فلا يقدم؛ لأنه عبادة بدنية لا يجوز تقديمها على وقت وجوبها بغير حاجة كصوم رمضان, واحترزنا بغير الحاجة عن الجمع بين الصلاتين.
وفي وجه أو قول قديم: يجوز تقديم الصوم أيضا؛ لعموم الحديث, أما التقديم قبل انعقاد اليمين .. فلا يجوز بالإجماع.