والثاني: من الميقات؛ لأن المقصود من الإتيان الحج أو العمرة.
قال:(وإذا أوجبنا المشي فركب لعذر .. أجزأه) هذا لا خلاف فيهز
وفي (الصحيحين)[خ ١٨٦٥ – م ١٦٤٢] عن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يهادى بين رجلين، فسأل عنه فقالوا: نذر أن يحج ماشيًا، فقال:(إن الله لغني عن تعذيب هذا نفسه) وأمره أن يركب.
قال:(وعليه دم في الأظهر)؛ لما روى البيهقي [١٠/ ٨٠] بإسناد ضعيف عن أبي هريرة قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في جوف الليل في ركب؛ إذا أبصر بخيال قد نفرت منه إبلهم، فأنزل رجلًا فنظر فإذا هو بامرأة عريانة ناقضة شعرها، فقال: ما لك؟ قالت: نذرت أن أحج البيت ماشية عريانة ناقضة شعري، وأنا أكمن النهار وأتنكب الطريق بالليل، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال:(ارجع إليها فمرها فلتلبس ثيابها ولتهرق دمًا).
وروى أبو داوود [٣٢٨٨] عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله؛ أختي نذرت أن تحج ماشية، فقال صلى الله عليه وسلم:(إن الله لا يصنع بمشي أختك شيئًا، فلتحج راكبة ولتكفر عن يمينها).
وفي رواية:(ولتهد هديًا)[٣٢٩٠] وفي أخرى: (ولتهد بدنة)[٣٢٨٩] وهذا الحديث وحديث عقبة الآتي محمولان على أنهما عجزتا كما هو الغالب، ولأن ما أوجب تركه الدم مع القدرة .. أوجبه مع العجز كسائر دماء النسك.
والثاني: لا دم عليه، كما لو نذر الصلاة قائمًا .. يصلي قاعدًا للعجز.
وفرق الأول بأن الصلاة لا تجبر بالمال، بخلاف الحج.
واحترز بقوله أولًا:(إذا أوجبنا المشي) عما إذا لم نوجبه .. فإنه لا يجبر تركه بدم، والدم: شاة على الأصح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(ولتهد هديًا) ومطلق الهدي محمول عليها، ولأنه ترفه بترك المشي فأشبه ما إذا ترفه باللبس والطيب.