هذا مفرع على أن الحج راكبًا أو ماشيًا أفضل، وفيه قولان: أصحهما – وصوبه المصنف -: الركوب؛ اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه حج راكبًا، رواه البخاري [١٥١٧] من رواية أنس، ولأن فيه زيادة مؤنة وإنفاق في سبيل الله.
والثاني – وصححه الرافعي –: المشي؛ لكثرة التعب، ولما في (الصحيح)[م ١٢١١/ ١٢٦] عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: (أجرك على قدر نصبك).
وفي قول أو وجه: أنهما سواء؛ لتعارض المعنيين.
وقال ابن سريج: هما سواء ما لم يحرم، فإذا أحرم .. كان المشي أفضل؛ لما روى الحاكم عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حج من مكة ماشيًا حتى يرجع إليها .. كتب الله بكل خطوة سبع مئة حسنة من حسنات الحرم، وحسنات الحرم: الحسنة بمئة ألف) لكن ضعفه البيهقي [٤/ ٣٣١].
وقال في (الإحياء): من سهل عليه المشي .. فهو أفضل في حقه، ومن صعب وساء خلقه لو مشى .. فالركوب أفضل.
فإن قلنا: المشي أفضل .. لزم بالنذر، وإن قلنا: الركوب أفضل أو سوينا .. لم يلزمه المشي بالنذر.
قال:(وإن كان قال: أحج ماشيًا .. فمن حيث يحرم) سواء أحرم من الميقات أو من دونه؛ لأنه التزم المشي في الحج وابتداؤه من الإحرام. وقيل: يلزمه من دويرة أهله؛ للعادة، فإن من قال: حججت ماشيًا .. فهم منه المشي في جميع الطريق، ولقول عمر: إتمام الحج والعمرة أن تحرم بهما من دويرة أهلك.
وقوله: أمشي حاجًا كقوله: أحج ماشيًا على الصحيح.
وقيل: أمشي حاجًا يقتضي أن يمشي من مخرجه إلى الحج.
قال:(وإن قال: أمشي إلى بيت الله تعالى .. فمن دويرة أهله في الأصح)؛ لأن ذلك مدلول لفظه.