قال:(والأظهر: أنه يقضي بعلمه إلا في حدود الله تعالى) في القضاء بالعلم ثلاثة أقوال:
أحدهما: يحكم به؛ لقوله تعالى:{فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ}، وهو يعلم أن أحدهما محق فيلزمه الحكم للمحق، ولأنه إذا حكم بما يفيد الظن وهو شاهدان أو شاهد ويمين .. فبالعلم أولى، ولذلك قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لهند على أبي سفيان بنفقة ولدها من غير بينة؛ لعلمه بأمرهم.
وقال الربيع: كان الشافعي يرى القضاء بالعلم، ولا يبوح به مخافة قضاة السوء، فعلى هذا: قال الماوردي والروياني: يشترط لنفوذه أن يقول: قد علمت أن له عليك ما ادعاه، وقد حكمت عليك بعلمي، فإن أغفل شيئًا من ذلك .. لم ينفذ.
والثاني: لا يحكم به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:(شاهداك أو يمينه ليس لك إلا ذلك).
وتداعى رجلان عند عمر فقال أحدهما: إنه شاهدي، فقال:(إن شئتما شهدت ولو أحكم، أو أحدكم ولا أشهد).
ولأن علمه لو أقيم مقام شاهدين .. لا يعقد النكاح بحضوره وحده.
فعلى هذا: لو شهد عند شاهد بما علمه فهل يقوم علمه مقام شاهد آخر؟ فيه وجهان: أصحهما: المنع.
وأجاب القائل بالأول عن الحديث بأنه صلى الله عليه وسلم لم يعلم المحق منهما، وأثر عمر لم يثبت.
والمغلب على حضور شاهدي النكاح التعبدُ، وبهذا القول قال مالك وأحمد.
وحيث قلنا بالجواز .. فهو مكروه كما أشار إليه في (الأم).
والقول الثالث: يحكم في غير حدود الله تعالى، وهي حد الزنا والسرقة