قال:(وإلا) أي: وإن لم يعرف منهم عدالة ولا فسقًا (.. وجب الاستزكاء) وبهذا قال مالك وأحمد؛ لأنه حكم بشهادة، فيسقط فيه البحث عن شرطها كما إذا طعن الخصم، ولا يجوز الاكتفاء بأن الظاهر من حال لمسلم العدالة، كما لا يجوز الاكتفاء بأن الظاهر من حال من كان في دار الإسلام الإسلام.
هذا في جهل العدالة والحرية، فأما في جهل الإسلام .. فيرجع فيه إلى قولهم؛ لأنهم قادرون على إنشائه.
وفي (الحاوي) في (كتاب الشهادات) وجه: أنه لا يقنع بقوله: إني مسلم، حتى يختبر بالإتيان بالشهادتين.
وفي الحرية وجه: أنه يرجع لقوله، وقال في (المهذب): إنه ظاهر النص.
ومحل ما ذكره إذا لم يصدقهما الخصم، فإن صدقهما فيما شهدا به .. قضى بإقراره، ولا حاجة إلى البحث، لكن الحكم هنا بالإقرار لا بالبينة، ثم بين المصنف كيفية الاستزكاء فقال:
(بأن يكتب ما يتميز به الشاهد) من اسم وكنية ولقب وولاء إن كان، واسم أبيه وجده وحليته وحرفته وسوقه ومسجده؛ لئلا يشتبه بغيره، وإن كان مشهورًا وحصل التمييز ببعض هذه الأوصاف .. كفى.
قال:(والمشهود له وعليه) بأن يكتب ذلك؛ لأنه قد يكون بينهما ما يمنع الشهادة له أو عليه من قرابة أو عداوة.
قال:(وكذا قدر الدين على الصحيح)؛ لأنه قد يغلب على الظن صدق الشاهد في القليل دون الكثير.
والثاني: لا يكتبه؛ لأن العدالة لا تتجزأ، فمن قبل في القليل .. قبل في الكثير.
قال:(ويبعث به مزكيًا) ليعرفه حاله، كذا في نسخة المصنف، وفي (المحرر): ويبعث به إلى المزكي، وفي (الروضة) و (الشرحين): ويكتب إلى كل مزك كتابًا ويدفعه إلى صاحب مسألته.