ثُمَّ يُشَافِهُهُ المُزَكِّي بِمَا عِنْدَهُ، وَقِيلَ: تَكْفِي كِتَابَتُهُ،
ــ
وعبارة (التنبيه): يكتب ذلك فى رقاع ويدفعها إلى أصحاب المسائل، ولايعلم بعضهم ببعض، وأقلهم اثنان، وقيل: يجوز واحد.
وأصل هذا أنه ينبغي أن يكون للقاضي مزكون وأصحاب مسائل.
فأصحاب المسائل: الذين يبعثهم القاضي إلى المزكين ليعرفوه ما اتضح عندهم من أحوال الشهود.
والمزكون: هم الذين يرجع إليهم فى أحوال الشهود.
وقيل: أصحاب المسائل اسم مشترك بين المزكين وبين رسل الحاكم إليهم.
ومراد المصنف بـ (المزكي): اثنان، لا ما يقتضيه لفظه من الوحدة.
قال: (ثم يشافهه المزكي بما عنده)؛ لأن الحكم يقع بشهادته فاعتبر ذلك، فإن اتصل به جرح .. لم يظهره، بل يقول للمدعى: زدني في الشهود، وإن كان تعديلًا .. عمل بمقتضاه.
وقوله: (يشافهه المزكي) إن أراد به صاحب المسألة– كما هو ظاهر عبارته- ...
فذاك، وسماه مزكيًا؛ لأنه ينقل للقاضي التزكية عن المزكين.
وإن أراد المبعوث إليه- كما اقتضاه كلام (المحرر) وغيره- .. فهو وجه قال به أبو إسحاق، ومنعُ الاعتماد على قول أصحاب المسائل؛ لأنهم شهود فرع، وشهادة الفرع لا تقبل مع حضور شاهد الأصل.
قال: (وقيل: تكفي كتابته) أي: مع أصحاب المسائل إلى القاضي، وهو الذى عليه الحكام فى بلاد الإسلام، يكتفون برؤية سجل العدالة.
والأصح: لا يكفي؛ لأن القاضي لا يعتمد على خط نفسه وإن وثق مالم يتذكر، فكيف بخط غيره المحتمل التزوير.
قال الرافعي: هذا ظاهر إن كان الحاكم يحكم بشهادة المزكيين، فأما إذا ولي بعضهم الحكم بالعدالة والجرح .. فلتكن كتابة ككتاب القاضي، وليكن الرسولان كالشاهدين على كتاب القاضي.