الكتاب، وقد يكون صحيحًا مجمعًا عليه، وقد يكون فاسدًا مجمعًا عليه، وقد يكون مختلفًا فيه.
وقد يقع في ألفاظ الحكام: الحكم بما قامت به البينة، فـ (ما) إن كانت مصدرية .. فهو كقوله: بقيام البينة، وإن كانت موصولة- وهو الظاهر- فهي كإثبات جريان العقود المحكوم بها، فالقاضي تارة يقتصر على الثبوت، وتارة يضيفه إلى الأحكام كقوله: ثبت عندي أن هذه الدار وقف، أو ملك فلان، أو أن هذه المرأة زوجة فلان، فهذا مثل الحكم لا يمكن التعرض لنقضه، إلا أن يتحقق أن مستنده جريان عقد مختلف فيه كقول الحنفي: ثبت عندي أن هذه زوجة فلان زوجته نفسها ونحو ذلك، فإن قلنا: الثبوت حكم .. امتنع على غيره إبطاله، وإن قلنا: ليس بحكم .. لم يمتنع.
وأما إذا حكم بصحة العقد .. فهذه أعلى درجات الحكم، فلا سبيل إلى نقضه باجتهاد مثله، فإذا كان في محل مختلف فيه اختلافًا قريبًا .. لم ينقض فيه قضاء القاضي، وكثيرًا ما يكتب: ليسجل بثبوته وصحته، فيحتمل عود الضمير على الثبوت، فيراجع فيه، فإن عسرت المراجعة .. حمل على الحكم؛ لصحة التصرف، كما لو صرح به لأنه المتعارف.
ومعنى صحته: كونه بحيث تترتب آثاره عليه، ومعنى حكم القاضي بذلك: إلزامه لكل أحد.
فإذا كان في محل مختلف فيه .. نفذ وصار كالمجمع عليه، ومن شرط هذا الحكم: ثبوت ملك المالك، وحيازته، وأهليته، وصحة صيغته في مذهب القاضي.
وأما الحكم بالموجب .. فهو أحط رتبة من الحكم بالصحة؛ فإن الحكم بالصحة يستدعي ثلاثة أشياء: أهلية التصرف، وصحة الصيغة، وأن التصرف في محله، ولذلك اشترط فيه ثبوت الملك والحيازة، والحكم بالموجب يستدعي شيئين: أهلية التصرف، وصحة الصيغة فيحكم بموجبهما.