ومعناه: أنه إن كان مالكًا .. صح، فكأنه حكم بصحة تلك الصيغة الصادرة من ذلك الشخص، وهذا نافع في الصور المختلف فيها، فإذا وقف على نفسه فحكم حاكم بموجب ذلك .. كان حكمًا منه بأن الواقف من أهل التصرف، وأن صيغته هذه صحيحة حتى لا يحكم بعده ببطلانها من يرى الإبطال، وليس حكمًا بصحة وقفه، وذلك لتوقفه على كونه مالكًا لما وقفه ولم يثبت، فإذا ثبت حُكِمَ حينئذ بصحة الوقف، والرافع للخلاف الحكم بصحة الصيغة؛ لأنه المختلف فيه.
وإنما جاز الحكم بالموجب مع عدم ثبوت الملك؛ لأنه قد يعسر إثبات الملك وهذه اللفظة- وهي الحكم بالموجب- لا توجد في شيء من كتب المذاهب إلا في كتب أصحابنا.
فإن قيل: الموجب أمر مبهم يحتمل ان يكون الصحة، ويحتمل أن يكون غيرها، وحكم القاضي إذا لم يعين .. لم يصح، فلا يرفع الخلاف.
ولا يمنع الحكم من قاض يرى خلاف ذلك، ويدل لذلك، ما نقله الرافعي عن أبي سعد الهروي- ومال عليه-: أن ما يكتب على ظهور الكتب الحكمية وهو: صح ورود هذا الكتاب علي فقبلته قبول مثله وألزمت العمل بموجبه .. ليس بحكم؛ لاحتمال أن المراد تصحيح الكتاب وإثبات الحجة.
فالجواب: أنا إذا أعدنا الضمير على الكتاب .. صح ما قالاه؛ لأن مضمون الكتاب وموجبه صدور ما تضمنه من إقرار، وأنه ليس بزور، فلذلك قال الرافعي: إنه ليس بحكم، وهذا صحيح إذا أريد ذلك أو احتمل، أما إذا حكم بموجب الوقف أو موجب الإقرار .. فليس موجبه إلا كونه وقفًا، أو كون المقر به لازمًا.
وقول من قال:(موجبة يحتمل الصحة والفساد) ممنوع؛ فاللفظ الصحيح موجبه حكمه، واللفظ الفاسد لا يوجب شيئًا.
وإذا كان اللفظ يحتمل موجبتين .. وجب على الحاكم أن يبين حكمه، وإبهام ذلك لا يجوز عند القدرة، إلا أن يخشى من ظالم ونحوه كما قاله الرافعي في موضع آخر،