وَهِيَ الَّتي لاَ يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكَّرُ إِلَى مَوْضِعِهِ لَيْلًا, وَقِيلَ: مَسَافَةُ قَصْرٍ, وَمَنْ بِقَرِيَبِه كَحَاضِرٍ ... فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنُتُهُ وَيَحْكُمُ بِغَيِر حُضُوِرِهِ إِلَّا لِتَوَارِيِه أَوْ تَعَزُّزِهِ,
ــ
قال: (وهي التي لا يرجع منها مبكر إلى موضعه ليلًا) , لما في إيجاب الحضور عليه منها من المشقة الحاصلة بمفارقة الأهل والوطن في الليل.
هذا كله إذا كان الخصم الخارج عن البلد في محل ولاية القاضي, فإن كان خارجها ... فيجوز أن يسمع الدعوى عليه, ويحكم ويكاتب, قاله الماوردي وغيره.
قال: (وقيل: مسافة قصر) , لأن الشارع اعتبرها في مواضع, والقريبة ما دونها.
قال: (ومن بقريبة كحاضر .. فلا تسمع بينته ويحكم بغيرحضوره) , لأن القضاء مبني على الفصل بأقرب الطرق, ولو حضر ربما أقر فأغنى عن سماع البينة والنظر فيها.
قال الرافعي وغيره: ويجري الخلاف فيما إذا كان بالبلد وتأتى إحضاره, والأشبه تخصيصه بما إذا كان جميع البلد في محل ولاية القاضي, فإن كان موضع الخصم في غير محل ولايته ..
فكما لوكان خارج البلد.
وإذا قلنا: تسمع البينة على الحاضر .. لم يحكم عليه بها في الأصح إلى أن يأتي فيبدي مطعنًا إن أمكنه, بخلاف الغائب عن البلد, فإن انتظاره يطول.
قال: (إلا لتواريه أو تعززه) فحينئذ يجوز سماع الدعوى والبينة والحكم عليه, لتعذر الوصول إليه كالغائب, وإلا ... لا تخذ الناس ذلك ذريعة إلى إبطال الحق.
وقيل: لا يجوز ولا يلتحق الامتناع بالعجز, وفي حلف المدعي كما يحلف في القضاء علي الغائب وجهان: قطع بعضهم بالمنع لتفريط الخصم.