وَالأَظْهَرُ: جَوَازُ اَلقَضَاءِ عَلَى اَلغَائِبٍ فِي ِقَصَاصٍ وَحَدِّ قَذْفٍ, وَمَنَعُهُ فِي حُدُودِ اللهِ تَعَالى. وَلَوْ سَمِعَ بَيِّنَهُ عَلَى غَائِبٍ فَقَدِمَ قَبْل اَلْحُكْمِ .... لَمْ يَستَعِدْهَا,
ــ
قال: (والأظهر: جواز القضاء علي الغائب في قصاص وحد قذف, ومنعه في حدود الله تعالى) كحد الزنا والشرب وقطع الطريق إذا اعترف بها عند القاضي الكاتب, أو قامت عليه البينة بها ثم هرب.
والفرق: أن المقصود بالكتاب الاستيثاق, وحق الله تعالى مبني على المسامحه والدرء, بخلاف حق الآدمي.
والثاني: الجواز مطلقًا كالأموال.
والثالث: المنع مطلقًا؛ لخطر الدماء.
وما اجتمع فيه حق الله وحق الآدمي كالسرقة .. يقضى فيها علي الغائب بالمال دون القطع, وحقوق الله تعالى الماليه كحقوق الآدميين علي المذهب, فلهذا عبر المصنف بالحدود دون الحقوق.
فرع:
لا تسمع الدعوى والبينة على الغائب بإسقاط حق له, كما لو قال: له علي ألف قضيته إياها,
أو أبرأني منه ولي بينة به, ولا آمن إن خرجت إليه أن يطالبني ويجحد القبض أو الإبراء,
فاسمع بينتي واكتب بذلك إلى قاضي بلده ... لم يجبه؛ لأن الدعوى بذلك والبينة لا تسمع إلا بعد المطالبة بالحق.
قال ابن الصلاح: وطريقه في ذلك أن يدعي إنسان أن رب الدين أحاله به, فيعترف المدعى عليه بالدين لربه وبالحوالة, ويدعي أنه أبرأه منه أو أقبضه, فتسمع الدعوى بذلك والبينة وإن كان رب الدين حاضرًا بالبلد.
قال: (ولو سمع بينة علي غائب فقدم قبل الحكم .. ولم يستعدها) , بخلاف شهود الأصل إذا حضروا بعدما شهد شهود الفرع قبل الحكم .. لا يقضي بشهادتهم؛ لأنهم بدل, ولا حكم للبدل مع وجود الأصل.
وأفهم قوله: (قبل الحكم) عدم الاستعادة بعده من باب أولى, بل على حجته.