فأضافه رجل، فرأى عنده عبدًا أسود مقيدًا، فسأله عنه فقال مولاه: إنه ذو صوت طيب، وكانت لي عيس حملتها أحمالاً ثقيلة، وإنه حداها فقطعت مسيرة ثلاثة أيام في يوم، فلما حطت أحمالها .. ماتت كلها، قال: فشفعت فيه فشفعني، ثم سألته أن يحدو لي: فرفع صوته، فسقطت لوجهي من طيب صوته، حتى أشار عليه مولاه بالسكوت.
قال:(ويكره الغناء بلا آلة وسماعه)؛ لقوله تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ}؛ قال ابن مسعود: هو والله الغناء رواه الحاكم [٢/ ٤١١] وقال: صحيح الإسناد، وروى البيهقي [١٠/ ٢٢١] بإسناد حسن: أنه الملاهي.
وقال تعالى:{وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ} وهو الغناء والمزامير والملاهي؛ لأنها أصوات كلها مختصة بالمعاصي، فهي مضافة إلى الشيطان.
وفي (سنن البيهقي)[١٠/ ٢٢٣] عن ابن مسعود: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل) والأصح: وقفه عليه.
وقال الغزالي: لا دلالة فيه؛ لأن كثيرًا من المباحات كلبس الثياب الجميلة ونحوها تنبت النفاق في القلب، وليس بمكروه.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي وابن حزم: لم يرد نص كتاب بتحريمه، ولا صحت به سنة، فهو مباح، لا سيما وقد ورد إباحته عن جماعة من الصحابة والتابعين.
وفي وجه حكاه أبو الفرج الزاز: يحرم سماع كثيره دون قليله.
وفي وجه: يحرم مطلقًا، وبه جزم الرافعي في (البيع) و (الغضب) فقال: إنه معصية، وتابعه المصنف في الموضع الثاني وحذف الأول.
والغناء من الصوت ممدود، ومن المال مقصور.
وكان الأحسن أن يعبر بـ (الاستماع) لا بالسماع، وحيث قلنا: يكره الإنشاد والاستماع .. فذلك إذا كان من زوجته أو أمته، فإن كان من امرأة أجنبية .. فهو أشد كراهة.