وحكى القاضي أبو الطيب تحريمه، وهذا هو الخلاف في أن صوتها عورة.
وإن كان في السماع منها خوف فتنة .. فحرام بلا خلاف، وكذا السماع من صبي تخاف منه الفتنة.
قال الشافعي: إذا صار الإنسان منسوبًا إلى الغناء وسمي به فيقال: فلان مغنٍ، يأخذ على غنائه أجرًا، ويدعوه الناس إلى دورهم أو يغشونه لذلك في داره .. فهو سفيه مردود الشهادة؛ لأنه تعرض لأخبث الأكساب، ونسب إلى أقبح الأنساب.
وأما تحسين الصوت بقراءة القرآن .. فمسنون، والقراءة بالألحان الموضوعة للأغاني إذا أفرط فيه في المد والإشباع والحركات .. فالصحيح: أنه حرام، وقال الماوردي: يفسق به القارىء، ويأثم به المستمع؛ لأنه عدل به عن نهجه القويم.
ويسن ترتيل القراءة وتدبرها، والبكاء عندها، وطلب القراءة من حسن الصوت، ولا بأس بترديد الآية للتدبر.
فائدة:
سئل القاضي حسين عن السماع فقال: من تعوده من الفقهاء أو غيرهم في كل أسبوع مرة أو في كل شهر مرارًا .. فسق وردت شهادته؛ إذ ليس كل فسق ترد به الشهادة.
وقسمه الغزالي إلى مندوب ومباح ومحرم، فمن غلب عليه حب الله وحب لقائه .. كان السماع له محبوبًا، ومن غلب عليه عشق مباح في زوجته أو أمته .. كان له مباحًا، ومن غلب عليه الهوى المحرم كان في حقه حرامًا.
وقال الشيخ عز الدين: الرقص لا يتعاطاه إلا ناقص العقل، ولا يصلح إلا للنساء، قال: وأما الإنشاد المحرك للأحوال السنية المذكرة لأمور الآخرة .. فلا بأس به، قال: والسماع يختلف باختلاف السامعين والمسموعين، ثم ذكر له سبع مراتب، وحكى في فتواه التي سأله عنها الشيخ أبو عبد الله بن النعمان خلافًا للعلماء في السماع بالملاهي وبالدف والشبابة.