قال:(ويحلف على البت) أى: القطع والجزم (في فعله) نفيًا كان أو إثباتًا؛ لأنه يعلم حال نفسه ويطلع عليها، هكذا أطلقوه، وهو محمول على ما إذا صدر الفعل منه في حال عقله وتمييزه، فول صدر منه في جنونه أو إغمائه أو سكره الطافح، وتوجهت عليه اليمين بعد كماله .. فلا يظهر التوجيه المذكور.
قال:(وكذا فعل غيره إن كان إثباتًا) فيحلف فيه على البت؛ لأنه يسهل الوقوف عليه.
قال:(وإن كان نفيًا .. فعلى نفي العلم)؛ لأن النفي المطلق يعسر الوقوف على سببه، ولهذا لاتجوز الشهادة على النفي فيقول: والله ماعلمت أنه فعل كذا، أو ما أشبه ذلك.
قال ابن الصلاح: إلا أن يكون فعل الغير منسوبًا إلى الحالف .. فيحلف على البت.
فلو حلف على البت .. اعتد به؛ لأنه قد يعلم ذلك، أما لو حلفه على نفي العلم والحال يقتضي الحلف على البت .. فلايعتد بذلك قطعًا.
ومراد المصنف بالنفي: المطلق لا المحصور؛ لأنه صرح في آخر هذا الباب أنه كالإثبات لإمكان الإحاطة به، فعلى هذا: يحلف في مثله على البت وإن كان ينفي فعل الغير، كما تجوز الشهادة به.
وظاهر عبارته حصر اليمين في فعله وفعل غيره، وقد تكون اليمين على تحقق موجود لا على فعل ينسب إليه ولا إلى غيره، كما إذا قال لزوجته: إن كان هذا الطائر غرابًا .. فأنت طالق، فطار ولم يعرف، وادعت أنه غراب وأنكر، وقد قال الإمام: إنه يحلف فيه على البت.
قال:(ولو ادعى دينًا لمورثه فقال: أبرأني .. حلف على نفي العلم بالبراءة)؛ لأنه حلف على نفي العلم، وكذا إذا ادعى أنه استوفاه منه.