و (الماء): معروف، وحكى بعضهم: اسقني ما بالقصر، وهمزته منقلبة عن هاء؛ بدلالة ضروب تصاريفه. والنسب إليه: مائي وماوي وماهي، والجمع: أمواه ومياه.
ومن عجيب لطف الله تعالى: أن كل مأكول ومشروب يحتاج إلى تحصيل، أو معالجة حتى يصلح للأكل، إلا الماء فإن الله تعالى أكثر منه، ولم يحوج إلى معالجته؛ لعموم الحاجة إليه.
قال:(وهو: ما يقع عليه اسم ماء بلا قيد). شملت عبارته النازل من السماء، وهو ثلاثة: المطر وذوب الثلج والبرد. والنابع من الأرض، وهو أربعة: ماء العيون والآبار والأنهار والبحر. والماء النابع من بين أصابع النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشرف المياه.
فأما النازل من السماء .. فيدل له الآيتان المتقدمتان مع ما في (الصحيحين)[خ ٧٤٤ – م ٥٩٨] من قوله صلى الله عليه وسلم: (اللهم؛ اغسلني بماء الثلج والبرد).
ويدل للنابع من الأرض حديث البحر المتقدم، وأنه عليه الصلاة والسلام توضأ من بئر بضاعة، فقيل له: أنتوضأ منها ويلقى فيها المحائض ولحوم الكلاب والخبث؟ فقال:(الماء لا ينجسه شيء) رواه الشافعي [شم ١/ ١٦٥] وأحمد [٣/ ٣١] وصححه وحسنه الترمذي [٦٦]. وفي (الرافعي): كان ماؤها كنقاعة الحناء.
ولأشرف المياه ما روى النسائي [١/ ٦١] وابن خزيمة [١/ ١٠٢] والبيهقي [١/ ٣٠ و ٤٣] عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع يده في إناء وقال: (توضؤوا باسم الله)، فكان الماء يخرج من بين أصابعه حتى توضؤوا عن آخرهم، وكانوا نحواً من سبعين. وأكثر أهل العلم على أن الماء كان ينبع من نفس أصابعه. قال ابن العربي في (القبس): ونبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم خصيصة له لم تكن لأحد قبله.