والثاني: عكسه اعتبارًا بنية الإمام؛ لأن صلاته في هذه الحالة صحيحة في نفسه، وخطؤه غير مقطوع به، وإلى هذا ذهب القفال، وهو المنصوص وعليه الجمهور وعمل الناس في الأعصار مع الخلاف بينهم، فلم تزل الصحابة وغيرهم يصلون خلف المخالف وإن ترك واجبًا عندهم، وقد صلى معاوية بأهل المدينة فلم يبسمل، فلما سلم ذكروا له ذلك، فلما صلى بهم ثانيًا قرأها، ولم ينقل عن أحد منهم أنه أعاد تلك الصلاة.
والثالث: إن اقتدى بولي الأمر أو نائبه .. صح مع تركه لبعض الواجبات؛ إخمادًا للفتنة، وإلا .. لم يصح، قاله الحليمي والأودني، واستحسنه الرافعي.
وكذلك الحكم لو ترك الاعتدال في الركوع والسجود.
وقد تقدم في (الوضوء): أن الماء الذي توضأ به الحنفي مستعمل على الأصح، وتقدم الفرق هناك.
وقول المصنف:(اعتبارًا بنية المقتدي) من زياداته على (المحرر)، وكان الصواب أن يقول: اعتبارًا باعتقاد المتقدي؛ إذ لا معنى للنية هنا.
وقال الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني: لا يصح اقتداؤه به ولو حافظ على جميع الواجبات؛ لأنه لم يأت بها على اعتقاد الوجوب.
قال الشيخ: وما قاله لازم على قول الأصحاب: أنه ذا أتى بفروض الصلاة على اعتقاد أنها نفل .. لم تصح، قال: ولا يترجح إلا قول الأستاذ، وإلا .. فقول القفال.
فإن اقتدى بالمخالف ولم يعلم أنه أتى بمناف .. فالأصح: الصحة.
قال:(ولا تصح قدوة بمقتد) أي: في حالة قوته؛ لأنه تابع لغيره يلحقه سهو ذلك الغير، ومنصب الإمام يقتضي الاستقلال وأن يتحمل هو سهو غيره، و (أما اقتداء الناس بأبي بكر خلف النبي صلي الله عليه وسلم) .. فإنهم كانوا مقتدين بالنبي صلي الله عليه وسلم وأبو بكر يسمعهم التكبير.