قال الإمام: من أنكر وجوب الاستماع .. فليس معه من حقيقة هذه المسألة شيء، فيجب القطع بالوجوب على مذهب الشافعي؛ لأنه بنى مذهبه في الخطبة على الاتباع، ولو جاز الكلام .. لما كان في حضور أربعين كاملين فائدة.
تنبيهات:
أحدها: في تحريم الكلام على الخطيب طريقان أصحهما: القطع بأنه لا يحرم؛ لما روى الشيخان] خ ٩٣٠ - م ٨٧٥ [:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم سليكا الغطفاني وهو يخطب). وفي رواية لمسلم] ٨٧٥/ ٥٩ [: جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، فجلس فقال له:(يا سليك قم فاركع ركعتين، وتجوز فيهما)، ثم قال:(إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب .. فليركع ركعتين وليتجوز فيهما).
وروى البيهقي] ٣/ ٢٢١ [وأصحاب المغازي:(أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم قتلة ابن أبي الحقيق، وسألهم عن كيفية قتله في الخطبة).
والمذكور هو: أبو رافع اليهودي كان يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليه جماعة من أصحابه ليقتلوه بخيبر، فقتلوه ورجعوا والنبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فسألهم عنه فأخبروه بقتله.
وذكره الغزالي في (الوسيط) و (الوجيز) على غير وجهه.
الثاني: كلام المصنف مخصوص بكلام لا يتعلق به غرض مهم ناجز، فأما إذا رأى أعمى يقع في بئر أو عقربا يدب على إنسان فأنذره، أو علم شيئا من الخير أو نهى عن منكر .. فهذا لا يحرم قولا واحدا، والأولى أن يقتصر على الإشارة ما أمكن الاستغناء عنه.
الثالث: لا خلاف أنه لا يحرم الكلام قبل الخطبة، ولا بعدها قبل الصلاة.