أما حديث عقبة بن عامر الذي في (الصحيحين)(خ ١٣٤٤ - م ٣٢٩٦): (أن النبي صلى الله علية وسلم خرج فصلى على قتلى أحد صلاته علي الميت)، وفي رواية للبخاري (٤٠٤٢): (بعد ثماني سنين كالمودع للأحياء والأموات) ... فالمراد: أنه دعا لهم كدعائه للميت.
والإجماع يدل علي هذا التأويل؛ لأن عندنا لا يصلى علي الشهيد، وعند الخصم وهو أبو حنيفة: لا يصلى علي القبر بعد ثلاثة أيام كما تقدم.
وأما حديث:(أنه صلى الله عليه وسلم صلى علي قتلى أحد عشرة عشرة، وفي كل عشرة حمزة حتى صلى عليه سبعين صلاة) ... فضعيف. رواه أبو داوود مرسلًا (سيل ٤٣٨)، وهو خطأ؛ لأن شهداء أحد كانوا اثنين وسبعين، فلا تزيد الصلاة على سبع أو ثمان، ولا تزيد التكبيرات علي اثنتين وثلاثين؛ لأن عندنا وعندهم: التكبيرات أربع.
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: ينبغي لمن روى هذا الحديث أن يستحيي على نفسه، ولأن الشهيد طهره القتل والله غفر له، ويأتي يوم القيامة وكلمه يدمى: اللون لون الدم , والريح ريح المسك.
وقال المزني: يصلى على الشهيد ولا يغسل.
واتفقوا على أن الغسل إذا أدى إلى إزالة الدم ... حرم.
وسمي شهيدًا؛ وقيل: لأنه يشهد الجنة حال موته وغيره يشهدها يوم القيامة، وقيل: لأنه يشهد على الأمم المتقدمة، وقيل: لأن الله وملائكته يشهدون له بالجنة، وقيل: لأنه شهد ما أعد الله له من الكرمة بالقتل، وقيل: لأن دمه شاهد له بالإيمان وحسن الخاتمة.