للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (١٠٩) فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (١١٠) إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ}

إن الدعوة من سماحتها كان القرآن يعقب على كل صور الإنحراف التي يحكيها عن المشركين بما هو كفيل أن يهديهم سواء الصراط. ولكنهم آثروا الضلال على الهدى.

* * *

* الصدّ عن سبيل الله:

ومن أساليب الحرب الباردة أن المشركين كانوا يوظفون كل تلك المطاعن التي أثاروها حول صاحب الرسالة، وحول القرآن العظيم، وحول أتباع الدعوة الأولين. كانوا يوظفونها في الصدّعن سبيل الله، ومنع الناس من الدخول في الإسلام، فكانوا يتلقون الحجاج في مواسم الحج إلى بيت الله، ويثيرون الريب في قلوبهم ويحذرونهم من الاستماع إلى صاحب الرسالة، لأنه: ساحر، أو شاعر، أوكاهن، أو مجنون؟

ويحذرونهم من التصديق بالقرآن؛ لأنه: سحر، أو شعر، أو أساطير الأولين، أو إفك (كذب) افتراه محمد - صلى الله عليه وسلم -.

ولما لم تُجد كل هذه الوسائل حاولوا استمالة صاحب الرسالة إلى مهادنتهم وعدم التعرض لدينهم ودين آبائهم، وطلبوا ذلك مرات، إما عن طريق العرض المباشر على صاحب الدعوة، أو عن طريق عمه أبي طالب الذي كان يكفل النبي ويحميه من كيدهم. ولكن جهودهم كانت تفشل في كل مؤة، وكان الإسلام يزداد قوة وإنتشاراً وعزاً. فقد أسلم عمر بن الخطاب، وهو من هو قوة وشكيمة، كما أسلم حمزة بن عبد المطلب، وهو من عظماء الرجال. عندئذ تبيَّنت قريش أن وسائلها السابقة لم تعد تفيدهم شيئاً في دحر الإسلام، وفكرت أن تقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكنها خشيت عاقبة هذا الأمر، خاصة أن بني هاشم وبني المطلب تعاهدوا على حماية محمد - صلى الله عليه وسلم - في نفس

<<  <   >  >>