[الظاهرة الأولى مواقف الدعوة السلمية من أهل الكتاب]
لغط أهل الكتاب لغطاً كثيراً حين جاورا المسلمين في المدينة بعد الهجرة، وأثاروا قضايا دينية مختلفة، وكان لغطهم في تلك القضايا التي أثاروها قائماً على الإدعاء والخطأ. لهذا تصدى القرآن الأمين لكل ما أثاروه ولغطوا حوله، وفيما يأتي نبين مواقف القرآن الكريم من بعض أخطائهم وانحرافاتهم، لأن الحديث عن كل ما أثاروه يضيق به المقام - هنا - وهدفنا من هذه الدراسة بيان سماحة الإسلام مع مخالفيه، وهذا يكفي فيه التمثيل ما دام الاستقصاء غير ميسور، ونبدأ بهذه المسألة:
* إدعاء أهل الكتاب أن إبراهيم كان يهودياً أو نصرانيا؟
إبراهيم - عليه السلام - أبو الأنبياء، فمن ذُرَّيته إسماعيل عليه السلام جد العرب، وإسحاق أبو يعقوب، ومن يعقوب تفرعت أنبياء بني إسرائيل وأسباطهم، وقد سجل القرآن الأمين هذه المناقب لأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام فقال:{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} .
وكان وجود إبراهيم قبل أن يُتزل الله التوارة على موسى عليه السلام بزمن طويل، وقبل أن ينزل الإنجيل على عيسى عليه السلام بزمن أطول، ومكانته في تاريخ أنبياء العهد القديم لم يرق إليها أحد منهم، لهذا حرص كل من اليهود والنصارى أن يكون منهم.
فاليهود ادَّعَوْا أنه كان يهودياً، والنصارى زعموا أنه كان نصرانياً.
وفي سورة آل عمران - المدنية - تصدى القرآن لهذه الدعوى فنفى ما ادعاه اليهود، ونفى ما زعمه النصارى وإليك البيان:
جادل اليهود والنصارى صاحب الدعوة - صلى الله عليه وسلم -، وجادلوا المسلمين في أمر إبراهيم عليه